د.م حكمت القطاونة
تغريبة بني هلال ملحمة طويلة متداخلة فصولها وحكاياتها وطرائق روايتها ومن بعض فصولها قصة ( الخضرا ).
والخضرا يا سادة يا كرام هي فرس الفارس الهلالي المقدام ذياب بن غانم وقد نشأت ببنهما الفة وصداقة تخطت صنوف المحبة والأعتياد والوفاء.
هنا لا بد من ان نشير إلى الشبه العظيم بين الخيل الاصيلة واصايل النساء رغم الفارق العظيم ايضا بينهن وبينهن من جهة وبين الخيل الاصايل.
في محاولات بني هلال فتح مدينة تونس تكون الحرب سجالا وتستمر زمنا طويلا وللحرب عند العرب قوانينها المنسجمة مع الشرف العربي والمروءة.
يجنح ملك تونس داخل الاصوار إلى السلم وقد استماله عشق نحو الهلالية ( الجازية ) حيث أذابت روحه بنظراتها وهي من حاديات قومها ترافق المقاتلين في اول اسرابهم وتتقدمهم ليحافظوا عليها ويستبسلوا في القتال ذودا عنها وعن الهلاليات الجميلات الرائعات.
يجنح الفارس ابو زيد وامراء بني هلال إلى السلم ايضا لكن الفارس ذياب يأبى إلا أن يستمر في قتال الزناتي خليفة وتعهد الجازية للهلاليات ان يركبن الخيل للقتال ثأرا لقتلى الهلالين وانحيازا لموقف ذياب الذي فيه شطط.
يضطر باقي الهلاليون بقيادة ابي زيد للقتال وكان القتال يبدأ يوميا في ميدان خارج باب صور تونس بين الفارسين نهارا حتى تميل الشمس للمغيب فيفترق المتحاربون في سلام كل إلى معسكره دونما غدر من اي طرف كان.
وينزل الزناتي إلى الميدان فيلتقيه ذياب ثابت الجنان بقلب كالصوان وهو يلعب بالسيف والسنان فتسابقا بضربتين اصابت ضربة الزناتي فرس ذياب الخضرا فقتلها، فوقع ذياب معها أرضا فادركته بنو هلال بجواد ركبه في الحال وعاد للنزال حتى غابت الشمس وحل الزوال ليفترق الخصمان على قرع طبول الأنفصال.
أما ذياب فلقد حزن حزنا شديدا على فرسه الخضرا لانه كان يعتمد عليها في الحرب وكم انقذته من كرب وامر ان يغسلوها ويكفنوها بالحرير ويدفنوها عميقا كي لا تأكلها الوحوش والضباع وذبح على قبرها نوقا كثيرة وكما الكاتب القرقيزي جنكيز ايتماتوف وروايته عن الحصان ( وداعا يا غولساري ) وحكايا الخيل الاصايل عنده تبدا من نهاياتها بعكس الصيغ المعتادة للروايات فجئتكم بحكاية الخضرا ايضا من نهايتها وقول فارسها فيها:-
تكاونت انا والزناتي خليفه…وما تعرف الارواح من هو زبونها.
وراحت الخضرا وشتت بها النيا …ومن طول عمري وانا اصونها.
وجوني بني هلال وعامر… وجني بنات هلال ينبونها.
وجابوا القماش الحرير الزين .. وجابوا الخضرا ليكفنونها.
حفرت لها في الارض قامه ومثلها.. خايف وحوش البر لا ينهشونها.
إن مت انا بالله ادفنوني بجنبها.. في وسط روضه مطرح ما يدفنونها.
عسى يوم القيامه نلتقي جميعا… واقبل الخضرا وامسح عيونها.
قرأت اليوم منشور صديق إعلامي كاتب فذ سليم المعاني- محترم بعمق كلماته وصدق مخرج حروفه مع انفاسه حول النساء اللواتي يمرض ازواجهن او يصابون بالشيخوخة والعجز وتأبى الأصايل إلا وتكمل مشوارها للأخير معهم بوفاء وعطاء وصبر وإخلاص.
فاتداخل معه بالتالي :
يا رب إنا نستجير بك… وانعم وبارك باصايل العرب، قرأت فيما قرأت وعلمت من مجالس العرب بماذا تختلف الخيل العربية الأصيلة عم سواها : أن الاصيلة لا ترمي خيالها وان ( سقط/ وقع/ تقنطر ) من على ظهرها مصابا وان كانت مسرعة فإنها وان قطعت مسافة تحت تأثير تسارعها بعيدا عنه فإنها سرعان ما تعود اليه تحاول حمايته ،اسناده ،ايقافه على قدميه…وان تعذر فإنها تبدأ بدق حوافرها عنده وتحاول الوقوف على رجليها وتصهل طلبا لنجدته وان تحركت تحركت جيئة ورواحا تغدو وتعود صهيلا عساها تنجده بغيره او تنقذه بنفسها انما لا تتركه طريحا دونها.
اشكرك مولانا مهندس فادي على تفضلكم بنشر خرابيشنا واظنها صرخة في واد عل اجيال حاضرنا تستفيق وتعود كالاصايل.
شكرا يا اصيل.