بقلم : الصحفي علي سعادة.
مثل غيري من الكتاب والصحافيين، دعيت في الفترة الأخيرة للظهور على شاشة أكثر من فضائية، وللتحدث عبر أثير أكثر من إذاعة، ودعيت عبر القائمين على الإعلام في رئاسة الوزراء ووزارة الإعلام والهيئة المستقلة للانتخاب وغيرها، واعتذرت بامتنان وأدب جم عن المشاركة من الذين دعوني للحضور.
أظن أن البعض سيلومني بحجة أن دور الكاتب هو الاشتباك الإيجابي مع جميع القضايا والمؤسسات، وأن لا يكون سلبيا، وأن يساهم برأيه في الوعي ومواجهة الأفكار الأخرى، وأن يستمع لوجهة النظر الرسمية من مصادرها حتى يتمكن من الخوض في مختلف القضايا.
ولست هنا لفرض وجهة نظري على أحد، لكني اعتقد أن الكاتب ليس حكواتيا، ولا ينبغي أن يكون مروجا لسياسات وقرارات الحكومة، وليس مطلوبا منه أن يسلى القارئ والمسؤول، وأن يحقق لهم الأمنيات كما لو كان مارد أو جني الفانوس السحري.
عندما بدأت كتابة البورتريه واستلمت مركز الأبحاث والدراسات في صحيفة “الدستور” ومن بعدها صحيفة “الغد”، تلقيت عشرات الدعوات والاتصالات من قبل شخصيات سياسية من الصف الأول، ولا زلت احتفظ برسائلهم من بينهم دولة المرحوم أحمد اللوزي والمرحوم عبدالمجيد شومان ودولة زيد الرفاعي ودولة طاهر المصري والمرحوم دوقان الهندواي الذي أوصاني في رسالته التي كتبها بخط يده أن لا أنشر رسالته لأنها تضمنت رأيا لم يكن ليعجب الحكومة وقتها.
رئيس وزراء سابق لم يكن في السلطة وقتها كان خارج البلاد اتصل وقال أرسل لي نسخة من كتبك إلى منزلي، وهذا رقمي اتصلي بعد أن أعود واطلب أي شيء أو زورني في المنزل. ولم اتصل به أو بغيره، فقط قمت بزيارة واحدة لمكتب الراحل أحمد اللوزي برفقة صديقي فايز اللوزي، وزيارات متقطعة لدولة طاهر المصري الذي أحبه واحترمه شخصيا، ولرجل أحبه كثيرا على الصعيد الشخصي هو الدكتور ممدوح العبادي.
ما أردت قوله هو أن الصحافي حين يقترب من الأضواء والسلطة يصبح قابلا للطي وللمط والشد والجذب، ولا يجوز له أن يخدع القارئ باستعراض عضلاته في الفضائيات والإذاعات والخوض في قضايا وملفات لا تقع ضمن اختصاصه أو خبراته في الصحافة والكتابة، فيقدم وجهة نظر ضحلة أو مستهلكة تضيع وقت المشاهد في كلام إنشائي مكرر وممل يعرفه حتى أكثر الناس تواضعا في المعرفة والعلم.
الكاتب الجيد ليس كاتبا دعائيا أو نرجسيا، وأظن أنه على الكاتب أحيانا خيانة القارئ بمعنى أن يتركه وحده يستنتج ويستخرج المعنى من وراء الحدث، أو أن يتركه في بطن الشاعر، وقد عجز عن فهم المعنى.
قد أكون فاشلا في بناء علاقات مصلحية مفيدة مع أي جهة رسمية أو غير رسمية، لكني، رغم ديوني الحالية، لا اشعر بامتنان اتجاه أحد سوى الله، وأستاذتي الذين علموني الصحافة ووقفوا إلى جانبي في جميع مراحل حياتي. فكنت كما تمنوا لي.