أمين الحسيني
(1895 ـ 1974)
بقلم : هشام عودة
كان صوته عالياً في إعلان رفضه لتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964، بسبب الدور الرسمي العربي في عملية التأسيس، وظلت كلمة الحاج تسبق اسمه دائماً، فهو مفتى القدس، ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى، ورئيس الهيئة العربية العليا، وتعامل معه الجميع على أنه ممثل فلسطين وقائد حركة شعبها في مواجهة الأطماع الصهيونية، في سنوات ما قبل النكبة وبعدها أيضا، وتحول الحاج أمين الحسيني، بسبب دوره السياسي ووظيفته الدينية، إلى رمز للشعب الفلسطيني قبل النكبة، وصار له أنصاره ومريدوه، وقد استقبلته العواصم العربية والأجنبية بصفته قائداً للشعب الفلسطيني، وتحفظ الذاكرة الفلسطينية كيف كان المواطنون يتعاملون مع الحاج أمين الحسيني وينظرون إليه، ولعل مطلع الأهزوجة المشهورة يوضح ذلك “سيف الدين الحج أمين”.
في مدينة القدس ولد عام 1895، ودرس في مدارسها، ومنعته الحرب الأولى من إكمال دراسته في الأزهر، فتوجه إلى استنبول وتخرج ضابطاً من كليتها العسكرية، وتم انتخابه عام 1921 مفتياً للقدس، وهي الوظيفة التي ارتبطت به حتى وفاته.
قاد الحاج أمين الحسيني حركة النضال السياسي للشعب الفلسطيني، وكان له دور بارز في ثورة 1936 وفي تأسيس كتائب الجهاد المقدس، وشارك في ثورة رشيد عالي الكيلاني ضد البريطانيين في العراق عام 1941، والتقى في العام نفسه الزعيم النازي الألماني ادولف هتلر، واعتقلته القوات الفرنسية بعد نهاية الحرب الثانية، فهرب من سجنه، كما طاردته قوات الانتداب البريطاني في فلسطين.
بعد نكبة عام 1948 ترأس المجلس الوطني الفلسطيني الذي عقد عام 1949 في غزة، الذي ولدت فيه حكومة عموم فلسطين، وترأس الوفد الفلسطيني إلى مؤتمر باندونغ 1955 وإلى مؤتمر عدم الانحياز في بلغراد 1961، واختلف مع حكومة الرئيس جمال عبد الناصر، فقرر عام 1961 مغادرة القاهرة إلى بيروت، ونقل إليها مكاتب الهيئة العربية العليا، وظل حتى يومه الأخير مؤمناً بأن الجهاد وحده هو من سيحرر فلسطين.
أقام في بيروت من عام 1961 وحتى عام 1974، لكن نشاطه السياسي تراجع بعد عدوان حزيران 1967، وبرز دور منظمة التحرير والفصائل الفلسطينية، وحجم التأييد الشعبي والرسمي الذي حظيت به، وتوفي الحاج أمين الحسيني في بيروت 1974 ودفن فيها، وترك وراءه إرثاً كبيراً من الأسرار والعلاقات التي تعاملت مع القضية الفلسطينية في أحلك مراحلها السياسية.