بلكي نيوز
قال البروفيسور غسان الجعيدي، عضو اللجنة الوطنية لمكافحة فيروس كورونا في إسبانيا، إن التراخي في إجراءات مكافحة الوباء وزيادة نسبة المسنين المصابين به، قد يؤديان لتفوّق إسبانيا على جاراتها الأوروبية بنسبة الوفيات بفيروس كورونا، كما حذّر من جهة أخرى من مضاعفات استخدام البلازما في علاج المصابين بالفيروس، معتبرا أنها قد تساهم في ضعف مناعتهم مستقبلا.
وقال الجعيدي، رئيس قسم جراحة العظام وطب الطوارئ في مستشفى كيرون مدريد، في حوار خاص مع “القدس العربي”: “العدوى بفيروس كورونا وصلت لإسبانيا من إيطاليا، فهناك علاقات سياسية وتجارية قوية بين البلدين، ولكن يُرجّح أن يكون الشباب القادمين من إيطاليا هم السبب الرئيسي في نقل الفيروس إلى كبار السن وهو ما أدى إلى زيادة عدد الإصابات والوفيات بالفيروس لاحقا. ففي أواخر شهر كانون الثاني/يناير الماضي كان هناك مباريات وتظاهرات كبيرة في مدريد وشارك فيها عدد كبير من الشباب، ويُتوقع أنها السبب الرئيسي في انتشار العدوى بفيروس كورونا في البلاد”.
وتحتل إسبانيا المركز الثاني عالميا (بعد الولايات المتحدة) في عدد الإصابات بفيروس كورونا، حيث تجاوز عدد الإصابات 213 ألفا، كما تحتل المركز الثاني – بعد ألمانيا- بعدد المتعافين الذي بلغ حوالي 90 ألف، والمركز الثالث (بعد الولايات المتحدة إيطاليا) في عدد الوفيات بأكثر من 22 ألفا.
ويفسّر د. الجعيدي هذه الأرقام بقوله “ارتفاع عدد الإصابات يعود إلى أن إجراءات الضبط والعزل والوقاية لم تتخذ في الوقت المناسب. فرغم أننا أدركنا خطورة فيروس كورونا منذ نهاية كانون الأول/ديسمبر الماضي، إلا أن السلطات لم تتخذ إجراءات حازمة حتى شهر آذار/مارس، أي أن الإجراءات تأخرت ثلاثة أشهر، وخلال هذه الفترة قام الشباب القادمين من إيطاليا والدول الأخرى بنقل الفيروس لكبار السن، وهو ما أدى لعدد الوفيات الكبير بالفيروس وخاصة أن 23 في المئة (حوالي 11 مليون) من المجتمع الإسباني هم فوق الـ65 من العمر، ومعظمهم يعاني من أمراض الضغط والسكري ومشاكل المناعة الذاتية، وهو ما يعني أنهم معرضون بشكل كبير للإصابة والوفاة بالفيروس”.
ويضيف “عدد الوفيات مرتفع جدا وقد يكون أكثر من أي بلد آخر في أوروبا، كما أن عدد الوفيات المعلنة أقل بكثير من العدد الحقيقي. فقبل أيام أعلنت محكمة في مدينة الأندلس جنوب إسبانيا أنها أحصت عدد وفيات أكثر بـ75 في المئة من العدد المعلن عنه رسميا، والسبب برأيي هو أن الإحصائيات التي تعلن عنها وزارة الصحة والمستشفيات تعتمد فقط على الناس الموجودين في المستشفيات، وتستثني حالات الموتى في دور العجزة وداخل المنازل. بمعنى أن هناك اختلاط في المعلومات بين وزارتي الصحة والعدل التي توثق الوفيات، وهناك الآن جدال عام في إسبانيا وتشكيك في الأرقام الرسمية المعلنة حول الوفيات”.
بالمقابل، يفسّر الجعيدي زيادة حالات الشفاء من فيروس كورونا بقوله “الفيروس- كما نعلم- يُسبب أزمة فقط لعشرة في المئة من المصابين، والذين يعانون من صعوبة في التنفس ويضطرون لدخول غرفة العناية المركّزة. فمعظم الشباب المصابين بالفيروس لديهم أعراض بسيطة تتمثل برشح بسيط، ونسبة الشباب لمصابين بكورونا والذين يحتاجون للعناية المركزة لا تتجاوز 7 في المئة، كما أن عدد الوفيات لمن هم تحت 60 سنة لا يتجاوز 0.5 تقريبا في المئة”.
وخلال ثلاثة عقود، تضاعف عدد كبار السن (أكثر من 65 عاما) في إسبانيا، وتتوقع الأمم المتحدة أن تتصدر قائمة الدول “العجوز” بحلول العام 2050، حيث ستبلغ نسبة من فهم فوق 60 عاما حوالي 40 في المئة.
وبالنسبة للأدوية المستخدمة في علاج المصابين بفيروس كورونا في إسبانيا، يقول الجعيدي “نحن نعتمد برتوكول منظمة الصحة العالمية والذي يتكون أساسا من دواء هيدروكسي كلوروكين، الذي حقق نتائج إيجابية في العلاج، فضلا عن مضادات الالتهاب اللازمة لكل مريض”.
وكانت دول عدة في العالم بدأت بتطبيق العلاج ببلازما الدم على مرضى كورونا، حيث تم الحصول على البلازما من المتعافين، والتي تحوي أجساما مضادة للفيروس إلى مرضى يعانون من الفيروس في محاولة لتزويدهم بهذه المناعة، وقد أثبتت هذه التجربة نجاعتها في عدد من دول العالم.
لكن البروفيسور غسان الجعيدي يُحذّر من تسبب بلازما الدم التي يتم الحصول عليها من المتعافين من فيروس كورونا، بأمراض أخرى قد تُضعف مناعة المرضى بالفيروس.
ويضيف “لدينا دراستان هامتان في إسبانيا حول استخدام البلازما في العلاج، الأولى تقوم على أخذ بلازما الدم من المرضى وتطويرها في المختبر قبل إعطائها للمرضى، والثانية تقوم على استخراج البلازما من المتعافين وإعطائها مباشرة للمرضى بالفيروس (دون المرور إلى المختبر)، حيث تم التجربة على مئة مريض في إسبانيا، كانوا داخل غرف العناية المركّزة، والنتائج كانت جيدة جدا. ولكن يجب التعامل بحذر مع هذه النتائج، لأنه تم تجريب البلازما مع الأدوية الأخرى كهيدروكسي كلوروكين ومضادات الإلتهاب والكورتيزون. ولكن الفرق هو أن البلازما قلصت بقاء المرضى داخل غرفة العناية المركزة من 15 يوما إلى أسبوع (النصف)”.
وهناك أكثر من مليونين و700 ألف شخص حول العالم مصابون حاليا بفيروس كورونا، أغلبهم في الولايات المتحدة (886 ألفاً) وإسبانيا وإيطاليا وفرنسا وألمانيا، توفي منهم حتى الآن 191 ألفاً، كما تعافى حوالي 750 ألفا، فضلا عن وجود حوالي 60 ألف مصاب تُوصف حالتهم بـ”الخطيرة”.( القدس العربي )