الصحفي علي سعادة – بلكي نيوز
عادة ما يوصف بكلمة واحدة “المحترم”.
دمث وبسيط، مهذب، نسج علاقات طيبة مع الجميع، لم ينضم إلى أي تيار اجتماعي أو سياسي أو جهوي.. لا تعرفه صالونات ومضافات “القيل والقال” في غرب عمان والمزارع المترامية على أطرافها بتثاقل.
لم تخلو مسيرته المهنية من الخصوم والمناكفين الذين قلبوا له “ظهر المجن” حين كان يعمل في إعلام الديوان الملكي بحجة عدم دعوتهم لحضور لقاءات الملك أو مأدبته الرمضانية.
لم يحسب الشاب الذي ولد في قرية زحوم بمحافظة الكرك عام 1962، لأب يعمل مزارعا وسط سبعة أشقاء وخمس شقيقات، أن ينتهي به الحال نجما تلفزيونيا ينتظره الأردنيون يوميا ليحدثهم بصوت هادئ مغمس بالأدب واللباقة عن أخر المستجدات والقرارات المتعلقة بفيروس كورونا (كوفيد 19) الذي جعل حياتنا عاليها سافلها وأمطر علينا عددا من أوامر الدفاع التي لا زالت تربك حياتنا وحياته أيضا.
كانت بغداد وجهته المفضلة لإكمال دراسته الجامعية، لكن الرياح سارت على عكس ما اشتهت سفنه فقد عاد إلى عمان بعد يومين من السفر، بعد حصوله على منحة لدراسة الآداب في جامعة اليرموك بأربد.
لم تجذبه كلية الآداب نحوها بقوة وبكامل عذوبتها، فقد بدأ يميل بشكل واضح إلى الصحافة والإعلام التي أضافها لتخصص اللغة العربية، قبل أن يأخذ قراره النهائي بالانتقال إلى الصحافة والإعلام في سنته الأولى.
بعد حصوله على شهادة البكالوريوس في الصحافة والإعلام من ” اليرموك” عام 1984، وإنهاء الخدمة العسكرية كمكلف، التحق بالعمل في وزارة الإعلام في موقع رئيس قسم الأخبار الصحافية.
في تلك الأثناء كان الملك الحسين بن طلال يسعى إلى تطوير أداء الإعلام في الديوان الملكي فتقدم أمجد العضايلة للمقابلة في الديوان الملكي، وتواجد في القاعة أيضا محمد داودية وعلي الفزاع وحسين بني هاني. وبحسب ما يروي عن “أبو غسان” فقد فوجئ بوجود الملك شخصيا لإجراء المقابلات مع المتقدمين، وهكذا دخل العضايلة بيت الأردنيين وخيمتهم، الشجرة الوارفة الظلال، كان ذلك في عام 1989 بحسب ما نشر حول سيرته الذاتية.
تدرج في موقعه من منصب مدير الإعلام العربي في الديوان الملكي إلى أن أصبح مديرا لإدارة الإعلام والاتصال، وبقي في موقعه حتى عام 2008 حين صدرت الإرادة الملكية بتعيينه مستشارا للملك لشؤون الإعلام والاتصال برتبة وراتب وزير عام 2011.
انتقل بعدها بنحو عام إلى وزارة الخارجية سفيرا للأردن لدى تركيا ثم سفيرا في روسيا، وسفيرا غير مقيم في مقدونيا وتركمانستان.
وبدت تجربة العمل في السلك الدبلوماسي تجربة بعيدة عن ميوله ورغباته فقد كان يطارده ويشاغبه الصحافي الذي في داخله، وجاءت الفرصة للعودة إلى بلاط السلطة الرابعة عبر الدخول في حكومة الدكتور عمر الرزاز وزير دولة لشؤون الإعلام في التعديل الخامس الذي جرى على الحكومة أواخر العام الماضي.
ويقال أنه رفض عرضا عام 2011 للدخول في حكومة معروف البخيت بمنصب وزاري كبير ووازن، ولم نجد معلومات تفصيلية حول هذه الحكاية.
كان من الممكن أن يمضي “أبو غسان” بموقعه بمهام تقليدية، يؤديها وزراء الإعلام برتابة ونسق يبعث على السأم، لكن الرجل وجد نفسه أمام المهمة الوطنية الأخطر، وهي التحدث إلى الأردنيين مباشرة وأن يطمئنهم باستمرار، حاثهم على الالتزام بالتعليمات من أجل الانتصار في معركة الوطن ضد كورونا، خاتما حديثه بجملته التي أصبحت ماركة مسجلة باسمه : “نحن في خدمتكم ونجاحنا في التزامكم”.
لم يشاهد وهو يضحك في الإيجاز الصحفي اليومي، ولا يذكر أنه تبسم، فالرجل يعمل بجد ورزانة وهو يقرأ أنباء تتعلق بوباء ألحق أضرارا يصعب إصلاحها في كافة القطاعات، حتى هو نفسه لم يتوقع أن يتواجد في هذا المكان ، ولم يكن يتخيل في يوم من الأيام أن يتلو بيان أمر دفاع .
لكن، كما يقال، التجارب والمواقف هي من تكشف معادن الرجال، وتظهر المخبوء في الأفئدة.