بقلم :الصحفي هشام عودة
أحمد صدقي الدجاني
(1936 – 2003)
كان عمره إثنى عشر عاماً، حين اضطر مع عائلته لمغادرة مدينة يافا، التي جاءوا إليها من القدس، لتتجه العائلة إلى لبنان، ومنها إلى سوريا، حيث أنهى أحمد صدقي الدجاني دراسته الثانوية في مدارس اللاذقية، ليعمل فترة من الزمن معلماً في مدارس القرداحة، مسقط رأس الرئيس السوري حافظ الأسد، قبل أن يغادر إلى أريحا ويعمل معلماً في مدارسها لمدة ثلاثة أعوام.
عاد أحمد صدقي الدجاني إلى دمشق، ليعمل معلماً في مدارسها، وأثناء ذلك التحق بجامعة دمشق، وحصل منها على درجة البكالوريوس في الأدب عام 1959، في عهد الوحدة، بين سورية ومصر، ليتجه بعد ذلك إلى طرابلس الغرب، ويلتحق بوالديه، ويعمل معلماً في معهد المعلمين هناك.
حصل بعد ذلك على درجة الماجستير من الجامعة الليبية، وعلى درجة الدكتوراه من جامعة القاهرة عام 1969، وعمل محاضراً، ثم رئيساً لقسم التاريخ في معهد البحوث والدراسات العربية، التابع لجامعة الدول العربية، حتى عام 1979، ليصبح بعد ذلك محاضراً وأستاذاً زائراً في أكثر من جامعة عربية وأجنبية، ويشرف على عدد كبير من رسائل الماجستير والدكتوراه.
أبو الطيب، أحمد صدقي الدجاني، الذي ينتمي لمدينة القدس، ولد في يافا عام 1936، عام اشتعال الثورة الفلسطينية الكبرى، وعاشت في ذاكرته كثير من صور الجريمة التي ارتكبتها العصابات الصهيونية بحق الفلسطينيين.
شارك مع السياسي الفلسطيني المعروف أحمد الشقيري، بتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، واختير عضوا في المجلس الوطني الفلسطيني الأول الذي عقد مؤتمره في القدس 1964، ليتم اختياره عام 1977 عضواً مستقلا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وعضواً في إدارة الصندوق القومي الفلسطيني، وكان قبل عام 1967 مسؤول التنظيم الشعبي في مدينة القدس، وهي مهمة أسندتها له منظمة التحرير، كما اختير عضواً في المجلس المركزي الفلسطيني.
أحمد صدقي الدجاني، كاتب وباحث ومؤرخ وأكاديمي ومناضل سياسي، وتحمل مجموعة كبيرة من الكتب والدراسات والأبحاث توقيعه، وفي معظمها تتحدث عن القضية الفلسطينية وتعالج جوانب مختلفة منها، وفي التصنيف السياسي ظل إلى يومه الأخير عروبياً قومياً، مؤمناً بأمته وحتمية وحدتها، لذلك كان لافتاً أن يتحدث الدكتور أحمد صدقي الدجاني في كل مجالسه، ومع كل محاوريه، اللغة العربية الفصيحة، وطوال حياته لم يتحدث أياً من اللهجات العامية، على الرغم من إقامته وعمله في أكثر من عاصمة ومدينة عربية، وهذا يدل على اعتزازه بلغته العربية، التي كان يراها دائماً، واحدة من مفاتيح الوحدة العربية، وهي حالة انتقلت إلى أبنائه الأربعة، الذين يستعملون اللغة الفصيحة في حياتهم اليومية.
عمل أحمد صدقي الدجاني في منظمة التحرير الفلسطينية، مع الرئيسين الشقيري وعرفات، في القدس وعمان وبيروت وتونس، وظل في كل مواقفه منحازاً لفلسطين كلها، لأنه حافظ على مسافة معقولة بينه وبين الفصائل الفلسطينية، وفي التاسع والعشرين من كانون الأول عام 2003، توفي الدكتور الدجاني في القاهرة عن سبعة وستين عاما، ودفن فيها .