بلكي نيوز – بورتريه
بقلم : هشام عودة .
عبد الرحيم أحمد
(1944 ـ 1991)
كان عمره ثلاثين عاماً، حين اختاره رفاقه أميناً عاماً لجبهة التحرير العربية، عام 1974، ليصبح ممثلها في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عام 1977، واحداً من راسمي الخارطة السياسية للعمل الوطني الفلسطيني.
في قرية حديثة، القريبة من مدينة اللد، ولد عبد الرحيم أحمد عام 1944، لتدفع به النكبة طفلاً مع عائلته عام 1948 إلى الأردن، ويصبح واحداً من أبناء مخيم الوحدات، شرقي العاصمة عمان، وفي هذا المخيم تفتح وعيه على حجم المأساة التي يعيشها وطنه وشعبه، وفي مدارس عمان أنهى دراسته الثانوية، ليتوجه إلى دمشق لإكمال دراسته الجامعية، ويتخرج من كلية الزراعة فيها عام 1970، وقد سبق ا سمه لقب “المهندس الزراعي”.
الفترة الزمنية التي قضاها عبد الرحيم أحمد في جامعة دمشق كانت فترة سياسية متحركة، فقد استعاد البعثيون زمام السيطرة على الحكم في سورية، بعد الإطاحة بما كان يعرف بالانفصاليين، وبعد ثلاثة أعوام تقريباً، في شباط 1966، تعرض البعث في دمشق إلى حالة انشقاق، انقلب فيه العسكر على قيادة البعث السياسية، وكان عبد الرحيم أحمد، الطالب في كلية الزراعة بجامعة دمشق، يتابع هذه التطورات باهتمام، وهو الذي أنتمى لصفوف حزب البعث العربي الاشتراكي عام 1964.
عاد إلى عمان، وعند الإعلان عن تأسيس جبهة التحرير العربية بعد عدوان حزيران 1967، كان المهندس الزراعي عبد الرحيم أحمد بين صفوفها، ليتم انتخابه عام 1972 عضواً في لجنتها المركزية، وعند استقالة الأمين العام لجبهة التحرير العربية الدكتور عبد الوهاب الكيالي من منصبه عام 1974، تم اختيار عبد الرحيم أحمد للمنصب ذاته، وهو اختيار لم يكن متوقعاً في تلك المرحلة، فحزم حقائبه وغادر بغداد إلى بيروت، حيث الوجود السياسي والإعلامي والعسكري لمنظمة التحرير الفلسطينية وفصائلها.
جاء اختيار عبد الرحيم أحمد لهذا الموقع، في فترة سياسية حرجه، فالحرب الأهلية في لبنان لم تخمد نارها بعد، وهو يقود جبهة هناك
بعد خروج قوات منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان عام 1982، اختار عبد الرحيم أحمد بغداد مقراً لإقامته، ولمكتبه الرئيس، غير أن حركته ظلت نشطة في اتجاه تونس، المقر الرسمي للمنظمة، وكان حضوره وقوة تأثيره في القرار السياسي، أو في الشارع الفلسطيني، مستمدة من قوة العراق وحضوره الفاعل.
وفي نهاية الثمانينات داهم المرض الخبيث عبد الرحيم أحمد، الذي توفي في الثلاثين من حزيران عام 1991 عن سبعة وأربعين عاماً، ودفن في مقبرة صويلح في العاصمة الأردنية، وجاءت وفاته بعد شهور قليلة من العدوان الثلاثيني على العراق، وفرض الحصار عليه، لكن أبا أحمد لم يكن وقتها قادراً على فعل شيء بسبب سطوة المرض على جسده.
مثقف وخطيب بليغ، وشارك في عدد كبير من المؤتمرات الخاصة بالقضية الفلسطينية، داخل الوطن العربي وخارجه، وفي كثير من الأحيان كان منزله ومكتبه يتحولان إلى صالون سياسي يضم مختلف ألوان الطيف السياسي الفلسطيني، وبحكم موقعه في قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، كان عضواً في اللجنة الفلسطينية الأردنية المشتركة التي حددت طبيعة العلاقة بين الشعبين والمؤسستين الرسميتين.
أربعة عشر عاماً قضاها عبد الرحيم أحمد في قيادة جبهة التحرير العربية ومنظمة التحرير الفلسطينية، ومنذ تسلم موقعه القيادي وجد نفسه في خندق جبهة القوى الفلسطينية الرافضة للحلول الإستسلامية، وهي الجبهة التي تشكلت بعد موافقة المنظمة على الحوار مع شخصيات إسرائيلية.