أحمد سامح الخالدي
(1896 ـ 1951)
بقلم : الكاتب الصحفي هشام عودة
ربما كان أحمد سامح الخالدي واحداً من أقدم الصيادلة في فلسطين في العصر الحديث، فقد تخرج من كلية الصيدلة في جامعة استنبول عام 1916، في ذروة اشتعال الحرب العالمية الأولى، ليذهب للخدمة في الجيش العثماني حتى نهاية الحرب.
لم تذكر الوثائق أن أحمد سامح الخالدي عمل بعد ذلك صيدلانياً، فقد استثمر نهاية الحرب، وتوجه إلى الجامعة الأميركية في بيروت، ليحصل منها على شهادة البكالوريوس وشهادة أستاذ في العلوم، لتكون أولى وظائفه عام 1919 مفتشاً في المعارف للوائي يافا وغزة، وبقي في وظيفته هذه حتى العام 1923، مع بداية عهد الانتداب البريطاني على فلسطين.
ولد أحمد سامح الخالدي، الذي ينتمي لأسرة مقدسية عريقة، عام 1896، وأكمل دراسته الثانوية في مدرسة المطران في القدس، وفي عام 1925 أصبح مديراً لمعهد المعلمين في القدس، بعد استقالة مديره السابق خليل طوطح، وفي عهد إدارة الخالدي لهذا المعهد التربوي العريق صار اسمه الكلية العربية، ربما في محاولة للرد على افتتاح الجامعة العبرية في القدس 1925، وهو المعهد الذي استقطب عدداً كبيراً من الطلبة من مختلف مناطق فلسطين وخارجها، نظراً للمكانة العلمية الرفيعة التي كان يتمتع بها، وبعد ذلك أصبح أبو الوليد مساعداً لمدير المعارف في عموم فلسطين عام 1941، وهي وظيفة جعلته يطل على واقع التعليم خارج مدينة القدس، وخاصة في مناطق الريف الفلسطيني، ويقف على سياسة التجهيل التي تتبعها سلطات الانتداب بحق أبناء الشعب الفلسطيني، وقد وصفه عدد من معاصريه بأنه “أبو التربية الحديثة” في فلسطين، وقد حصل على درجة الماجستير في التربية.
كان أحمد سامح الخالدي مثقفاً وكاتباً مرموقاً، فقد نشر مقالاته ودراساته في أكثر من صحيفة ومجلة داخل فلسطين وخارجها، لا سيما في القاهرة وبيروت، ويحمل أكثر من عشرين كتاباً توقيعه، تناولت مختلف القضايا الوطنية والقومية والأدبية والاجتماعية، كما كان ناشطاً اجتماعياً معروفاً في القدس ومحيطها، وذهب إلى تأسيس مشروع لرعاية الأيتام وتعليمهم في قرية دير عمرو قرب القدس، وفي القرية ذاتها قام بإنشاء مزرعة نموذجية، كانت تمثل مفخرة للزراعة النباتية في فلسطين.
شارك مع مثقفي فلسطين ووجهائها ورجالاتها، في مقاومة المشروع الصهيوني المدعوم من الانتداب البريطاني، ولم يدخر جهداً في ذلك، للدفاع عن عروبة فلسطين.
أتقن الخالدي أكثر من لغة، منها التركية والانجليزية، وقام بترجمة عدد من الكتب إلى العربية، كما قام بتحقيق عد من المخطوطات، وفي مطلع الأربعينات قام بمهمة الإشراف على المكتبة الخالدية، التي تعود لأهله في مدينة القدس
بعد نكبة فلسطين عام 1948، غادر أحمد سامح الخالدي إلى لبنان، مع زوجته الأديبة عنبرة سلام وأبنائه، وأقام فيها، وهناك واصل مشروعه في الدفاع عن قضية وطنه، والعمل على مساعدة أبناء شعبه، بكل الوسائل التي استطاع إليها سبيلا، وقام بتأسيس مدرسة لأطفال فلسطين في جنوب لبنان، وفي مطلع عام 1951 تم تعيينه في شركة بان أميركان.
لم يحتمل قلبه حياة الغربة، وما حلّ بوطنه فلسطين، فتوقف عن النبض في السابع والعشرين من أيلول عام 1951، ودفن ً في لبنان.