بلكي نيوز – بورتريه
ثمانية عشر عاما كانت كفيلة بتغيير مواقف الدكتور “كامل أبوجابر” السياسية ، فوزير الاقتصاد الذي قدم استقالته من حكومة “زيد الرفاعي” الأولى عام 1973 بسبب التداعيات السياسية لحرب تشرين ، عاد ليصبح رئيس الوفد الاردني الفلسطيني المشترك في مفاوضات مدريد عام 1991 حين كان يشغل منصب وزير الخارجية في حكومة طاهر المصري.
ولد في منطقة اليادوده على أطراف عمان عام 1932 ، وانتقلت عائلته للاقامة في عمان عام 1939 ليلتحق بمدارسها ويتخرج من مدرسة المطران ,1951
تختزن ذاكرة الدكتور “أبوجابر” صورا كثيرة عن عمان الثلاثينيات والاربعينيات ، ويتذكر ان جارهم الجنرال كلوب باشا وزوجته كانا يترددان على منزل عائلته ، ربما لان والدته كانت تتقن اللغة الانجليزية ، وكانت تحتفظ بمكتبة عامرة في المنزل ، الامر الذي انعكس على وعي ابنائها وثقافتهم.
ما يقرب من سبعة عشر عاما قضاها في الولايات المتحدة الاميركية ، طالبا ومدرسا وباحثا ، فقد حصل على درجة الدكتوراه من جامعة “سيركيوز” في العلوم السياسية ، ليصبح بعد ذلك استاذا في جامعة تنسي وجامعة سميث ، دون ان تغادر ذاكرته تلك اللحظة التي ركب فيها الباخرة من ميناء بيروت باتجاه القارة الاميركية.
تشير المعلومات المتداولة ان الدكتور “كامل أبوجابر” كان في شبابه المبكر ناشطا في صفوف حزب البعث العربي الاشتراكي ، لذلك ذهب في العام 1966 ، بعد ان اضاف لاسمه حرف الدال ، الى انجاز كتاب يتحدث عن الحزب ويبحث في تجربته ومواقفه وسياساته ، ولم تنقطع علاقة “ابو جابر” مع رموز البعث وقادته السابقين حتى اليوم.
رغم أنه خاطب الجامعة الاردنية عام 1965 ليعمل فيها ، إلا ان ذلك لم يتحقق له الا عام 1969 نتيجة تدخل مباشر من الراحل “وصفي التل” ليحصل عام 1971 على لقب الاستاذية ويصبح عميدا لكلية الاقتصاد والتجارة ، وهو الموقع الذي لفت اليه انظار “زيد الرفاعي” الذي ضمه لحكومته الاولى وزيرا للاقتصاد.
بعد استقالته من الحكومة عاد الدكتور “أبوجابر” لوظيفته الأولى استاذا للعلوم السياسية في الجامعة الاردنية ، التي تسلم فيها مواقع ادارية عديدة من بينها مدير مركز الدراسات الاستراتيجية.
مشاركته في حكومة “طاهر المصري” في خريف 1991 اعادته للاضواء ثانية ، خاصة بعد ان اصبح كبير المفاوضين الاردنيين ، ورغم انحيازه الشخصي لوظيفة الاكاديمي ودوره في الحياة ، الا انه تسلم مواقع سياسية من ضمنها اختياره عضوا في مجلس الاعيان عام 1997 ، لكنه ما لبث ان استقال من عضوية المجلس بعد ان تم تعيينه مديرا للمعهد الدبلوماسي الذي ظل يديره حتى العام 2001 ، عندما تم تعيينه في عهد حكومة المهندس “علي أبوالراغب” رئيسا للمجلس الاعلى للاعلام ، غير انه لم يستمر طويلا في وظيفته لاسباب عديدة.
عمل الدكتور “كامل أبوجابر” استاذا زائرا في عدد من جامعات العالم ، وقدم محاضرات باللغة الانجليزية عن العلاقات العربية مع الامم والشعوب الاخرى ، وتحمل توقيعه عدد من الكتب والمؤلفات تزيد على الاربعين التي جاء معظمها ، باللغة الانجليزية ، من بينها مجموعة تتحدث عن القضية الفلسطينية.
في شبابه المبكر مارس الألعاب الرياضية وكان عضوا نشيطا في نادي الجزيرة ، وتشير اوراقه الشخصية انه اقترن بزوجته الاميركية ذات الاصل الايطالي عام 1957 وانجب منها ابنتين هما ليندا ونائلة.
مثقف ومحاور يملك شبكة من العلاقات الواسعة مع شخصيات مؤثرة في بلدانها ، وربما تكون مذكرات الدكتور “كامل أبوجابر” مصدرا مهما للكشف عن كثير من الاسرار السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الحياة الاردنية المعاصرة.
للكاتب : هشام عودة