بلكي نيوز – هشام عودة
جبرا إبراهيم جبرا
(1920 – 1994)
استعار جبرا إبراهيم جبرا اسم شارع الأميرات، الذي يقع فيه منزله في حي المنصور غربي العاصمة بغداد، ليطلقه على الجزء الثاني من مذكراته، وهو الشارع الذي أخذ اسمه من إقامة عدد من أميرات العائلة المالكة فيه، قبل الإطاحة بهم عام 1958، فيما حمل الجزء الأول من مذكراته اسم “البئر الأولى”.
في بغداد، التي قضى فيها جبرا إبراهيم جبرا ستة وأربعين عاماً من سنوات عمره، توفي في الثاني عشر من كانون الأول عام 1994، عندما كانت بغداد تعيش أجواء الحصار عليها بعد العدوان الثلاثيني الذي تعرضت له عام 1991، ودفن جبرا فيها، بعد سنوات على وفاة زوجته ورفيقة دربه العراقية “لميعة برقي العسكري”، التي صار اسمها أم سدير.
في مدينة بيت لحم، ولد جبرا إبراهيم جبرا عام 1920، ودرس في مدارسها وفي الكلية العربية في القدس، قبل أن يغادر إلى لندن في بعثة دراسية من الحكومة الفلسطينية، ويلتحق بجامعة كامبردج ويتخرج منها في العام 1944، ليحصل بعد ذلك على الماجستير من الجامعة نفسها، ليلتحق عام 1954 بجامعة هارفرد في الولايات المتحدة، ويدرس النقد الأدبي فيها.
عمل جبرا لعدة سنوات معلماً في مدارس فلسطين، قبل أن يتوجه للعراق ويعمل معلماً في دار المعلمين العالية، وهناك يقترن جبرا بسيدة عراقية، ويحصل على الجنسية العراقية، ليعمل بعد ذلك بوظيفة إدارية في شركة نفط العراق، ويترأس تحرير مجلة “العاملون في النفط” الصادرة عنها، وبعد تأميم النفط العراقي عام 1972، ترأس جبرا تحرير مجلة فنون العراقية الصادرة في لندن.
من الصعب إيجاد توصيف دقيق، لهذا المثقف الفلسطيني الموسوعي، فهو شاعر وروائي وقاص ومترجم وناقد وفنان تشكيلي، أبدع فيها جميعاً، وقدم في كل حقل من حقولها منجزاً مهماً، ترك أثره الواضح في المشهد الثقافي العربي.
حصل في مسيرته على عدد من الجوائز المهمة، منها جائزة صدام للإبداع، درع القدس، وجائزة من ايطاليا، في وقت كان فيه جبرا عضواً في لجان تحكيم لجوائز عديدة، داخل الوطن العربي وخارجه.
كتب رواية “صيادون في شارع ضيق” باللغة الإنجليزية، ليقوم الدكتور محمد عصفور بترجمتها للعربية، في وقت شكلت فيه روايته “البحث عن وليد مسعود” محطة مهمة في مسيرة الرواية الفلسطينية والعربية، ليقدم في منتصف الثمانينات، مع صديقه الروائي عبد الرحمن منيف، نموذجاً جديداً لكتابة الرواية العربية، حين اشترك الروائيان في كتابة رواية واحدة “عالم بلا خرائط”.
رغم إقامته الطويلة في بغداد، وحصوله منذ خمسينيات القرن الماضي على الجنسية العراقية، إلا أن جبرا إبراهيم جبرا، ظل قريباً من معاناة أبناء شعبه، وجسد تلك المعاناة في نتاجه الإبداعي، وخاصة الرواية، وفي المؤتمر التوحيدي للاتحاد العام للكتاب والصحفيين والفلسطينيين المنعقد في الجزائر 1987، اجمع كتاب وصحفيو فلسطين على اختيار جبرا رئيساً للمؤتمر في فترة انعقاده، لأنه كان منتمياً لكل فلسطين.
أصدر جبرا أكثر من سبعين كتاباً، بين مؤلف ومترجم، وقد ترجمت أعماله الأدبية إلى لغات كثيرة، وصار واحداً من أبرز المثقفين العرب على الصعيد العالمي.