الدكتور عامر بني عامر
يستشعر الأردنيون الرسائل السياسية المرتبطة بحملة مكافحة الفساد والتهرب الضريبي والتي تنفذ من قبل مؤسسات وطنية حكومية وشبه حكومية بإدارة وإشراف قد يتجاوز حدود صلاحيات وقدرات الحكومة الحالية لا سيما أن المرحلة تتطلب توسعاً خصوصاً في إدارة ملف التهرب الضريبي، وهذا ليس مرتبط ببقاء الحكومة أو رحيلها إذ أن هذا النهج يعتبر نهج وطني شامل لا يمكن ربطُه فقط بالحكومة.
وبالعودة للرسائل السياسية بات من حكم المؤكد أن تؤثر على مجرى الانتخابات البرلمانية القادمة سواءً بالترشح أو بالسلوك التصويتي، وهذا من شأنه أن يعمل على تحييد الكثير من النخب السياسية عن العملية الانتخابية وكسر ظهر الفساد الانتخابي المتمثل بشراء الأصوات واستخدام المال الأسود الذي كان يرتكز عليه بعض المترشحين في وصولهم إلى مجلس النواب.
لا يخفى على أحد أن تلك الممارسات ساهمت بشكل أو بآخر في خلق حالة من الإحباط وفقدان الثقة من العملية الانتخابية عند المواطن الأردني من جهة وعند النخب التي تؤمن بالدور الرقابي والتشريعي لمجلس النواب من جهة أخرى، حيث كانت تلك الممارسات تبعدهم عن المارثون الانتخابي بسبب تدفق الأموال الهائلة من قبل بعض المترشحين دون رادع حقيقي، وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن تلك الأموال تم جمعها دون حساب.
وعليه؛ إن استمرار حملة مكافحة الفساد والتهرب الضريبي بالتوازي مع إجراء الانتخابات البرلمانية القدمة سيكون لها أثر إيجابي في تعزيز الثقة بالعملية الانتخابية وبالتالي يمكن أن نشهد تغيراً في قواعد اللعبة من حيث نوعية المترشحين وبالتالي نوعية المخرج في المجلس النيابي القادم، وهنا لا يمكن أن نسقط أثر التيار الذي يدفع إلى إبقاء الباب موارباً لصالح البعض للقيام بعمليات شراء الأصوات بحجة تشجيع المشاركة وتحجيم فوز تيار بعينه، إلا أنه في الحقيقة يسعى هذا التيار للمدافعة عن منظومة فسادهم ويبحثون عن فرصة وصول إلى قبة البرلمان بذات السلوكيات التي يدافعون عنها لحماية مصالح الدولة والمواطن.
وأخيراً؛ يجب على الدولة الاردنية بكافة مؤسساتها عدم الإنصات لهذه الأصوات حتى لو وصلت نسبة التصويت لمعدلات منخفضة وأقل من السنوات السابقة ولكن على الأقل سيكون المخرج الانتخابي أقل شكاً وأكثر قبولاً وأنظم عملاً.