سياسات غير متزنة ولنقل خداعة تلك التي يمارسهاالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وذلك نيابة عنالاخوان المسلمين. كلّ ذلك لتحقيق المآرب القديمةالجديدة للسلطنة العثمانية، محرّكاً بها وعبرها«الإسلام السياسي» عبر منصة السياسة الدولية.
فتركيا الدولة الجارة لسورية وعلى عقود من الزمن،لم يكن يتوقع أن تصل الحماقة السياسية إلى مرحلةتبنّي الاحتلال الإرهابي، كنهج أساسي لها، فالعلاقاتالتي كانت سائدة بين دمشق وأنقرة، لا توحي بهذاالعداء المبطن والمغلف بالودّ والصداقة، فالجميعيعلم كيف أنّ الحدود في وقت من الأوقات لم تكنموجودة بين البلدين بالمعنى الجيو السياسي،فالدخول من سورية الى تركيا وبالعكس، كان كمنيدخل من محافظة الى أخرى، وهو الحال بالنسبةللعراق ولبنان والأردن. هي علاقات بنتها سورية علىأساس حسن الجوار، فماذا كان من أردوغان؟
في عام 2011 وتحديداً 15/3، بدأت أدوات الإرهابتنشد لحن الولوج الى العمق السوري، محاولة فتحثغرات في الجغرافية السورية، لتبدأ بضخ سمّها علىالأرض السورية، وكانت عناصر أردوغان الإرهابيةتنشئ مقرّاتها على الساحة السورية، وبدأ أردوغانبالتضخم الإرهابي عبر مجموعات متعدّدة منالإرهابيين، ممن أتى بهم من خارج الحدود السورية،ومنهم من قلب سورية ممن باعوا وطنهم لـ تركيا، ولميكن أردوغان يعبث لوحده بالأرض السورية وبماعليها، بل كانت تقف وتدعمه 70 دولة وعلى رأسهاالولايات المتحدة و«إسرائيل»، والأخيرتان موّلتافكرهم الإرهابي من جيوب بعض الدول الأوروبيةوالخليجية في تحالف لم يسبق أن شهدته الساحةالعالمية.
هي حرب فاقت الحربين العالميتين الأولى والثانية فيعناوينها وتوجهاتها وحتى تداعياتها على المنطقة،لكن مع إدراك القيادة السورية لحقيقة المشهد منذالأيام الأولى لـ «الربيع العربي»، بدأت القواتالمسلحة السورية بدورها ومهامها في التصدي لهذاالإرهاب الممنهج، الذي يستقي ذرائعه من فكر الغربالصهيوني، خاصة أنّ الكيان الاسرائيلي يقلقه تناميمحور المقاومة، والشباب الفلسطيني المقاوم وفكرةالمقاومة التي أرهقته وأذاقته مرارة الهزيمة النكراءفي أعوام 2000 و2006، وحرب المقاومةالفلسطينية في 2014 و2018 عبر صواريخ المقاومةالفلسطينية.
تمدّد أردوغان على طاولة الحرب الإرهابية ضدّ سوريةمستغلاً الجوار، ليكون الأسفين الذي يدقّ في قلبسورية، لكن مع الانتصار الكبير الذي حققه الجيشالعربي السوري والمقاومة والحليفان الروسيوالإيراني، خاصة في دمشق وحلب على أدواتهالإرهابية، حقق ضربة قاضية جعلته يتراجع إلىالخلف وليصبح في مأزق كبير، بعد أن اتضحت معالمالخطة الأميركية، فكانت الحنكة السياسية المشتركةللروسي والسوري والإيراني في فكرة اتفاق أستاناوسوتشي، لتحريك الملف السوري عبر منصات أمميةومنظمات دولية، فيحشر أردوغان في الزاوية، وإنْطالت المدة، فالحرب الإرهابية الكونية على سوريةأرهقت الشعب والجيش العربي السوري ولكنهمصامدون وما زالوا رغم كلّ الخِناق السياسيوالعسكري والاقتصادي والمعيشي.
وعلى الضفة المقابلة دخلت واشنطن إلى وسطالبادية السورية، في منتصف الطريق على الحدود بينالعراق والأردن، ليكون صلة الوصل بين الإرهابيينالقابعين لدى الاحتلال الاسرائيلي وقاعدة التنففيكون اللقاء والاجتماع أسهل.
وما زال التلاقي الإرهابي بين أردوغان وترامب، عبرأدواتهم فاعلاً في المناطق التي يرفضون الرحيل عنهالمآرب لا تعدّ ولا تحصى، وما زال ملف شمال شرقسورية، ينتظر أن يتراجع المحتلّ ويرحل عن الأرضالسورية، فالذرائع باتت عفنة ولا صحة لها.
في جانب ثانٍ، يستغلّ أردوغان الأوضاع في ليبيا، ليمدّيده الملطخة بالدم السوري لصديقه السراج، لعلهيستطيع تحقيق انتصار يرفع به سقف طموحاته أمامالشعب التركي، الذي أرهقته سمعة بلاده ورئيسه،وليزيل عنه غضب الأميركي وتحكمه باقتصادهم.
ومن سورية وليبيا إلى أذربيجان يرحل أردوغان عبرأفراد عصابته الإرهابية، لعله يستطيع تحقيق انتصارسياسي، فهو يبدو في جميع المشاهد كمن يتعمّداللحاق بالرئيس بوتين، لعله يستطيع أن يطأ مراتبالدب الروسي، خاصة أنّ لدى أردوغان مخاوف جراءفقدان قدرته السياسية على الحكم، وحقيقة الأمربدأت تلوح في رأسه مع كمّ الهزائم التي لحقت به،والتي تعدّ الأكبر لرئيس دولة إقليمية، كما نظيرهترامب الذي يستحق وبجدارة مرتبة القائم بالإرهاب.
في المحصلة، ما يجري على الساحات العالمية هونتاج فكر الساسة المتعطشين لحلم السلطنةالعثمانية، أو لحلم قيادة العالم، فـ عدوى الرئاسة اللاإنسانية باتت تنتقل بالعدوى من ترامب إلى أردوغان،إلى حكام أخرين يتحكم بهم عقل الغرب، وذلك عبرمصيدة المال والنفوذ والسياسة.