هاتف الصباح
أُسعدتَ صباحاً سيدي
أطربتني هذا الصباح
أطلقتَ أسيرَ الشوق فيني
وجعلتني أرتاح
حملني هديلُ صوتِك
ما كنت أعلم أن للصوتِ جَناح
وضممتُ فيكَ كلَ ضلوعي
حتى ضجَّ صدري وصاح
وقبّلتُ أزرارَ هاتفي
فغارت أصابعي وأخبرتني
كفاكِ يا هذي مُزاح
أخبرتها أني أشمُ عبيرَهُ
قد دنا مني وفاح
وأشعلتُ نورَ أنفاسي
وتلألآ هاتفي في يدي كأنَهُ مِصباح
وسمِعتُ صوتَ شفاههِ يعانقُ روحي
كأنه تَعبٌ على شفاهي استراح
ما كنتُ أعلمُ أن للصوتِ أرواح
أهٍ لو أنَّ كلَ يومي
مثلُ هذا الصباح
أنطولوجيا
أليسَ جميلاً أنْ يَختَرقَني الحِبر
وينتحرُ فيَّ النَبض
ويَهدِينِي نَبيُّ الحَرف
ليكونَ القلمُ فَريضةْ
والشِعرُ صَلاةْ
والخشوعُ قصيدةْ
أليسَ جَميلاً من بعد نِهايةِ القَصيدة
أن يتَنهدَ الحَرفْ
ويُعانقَ خَصري وننَام
فقدْ أقلقَني
منذُ بِضعَةِ أيام
المقهى
على جسدِ الطريقِ
ممرٌ ممشوقٌ بسيقانِ الصَنوبر
على جُذوعِه كُتِبتْ حروفُ العُشاق
عِطرُهُ البسني ثَوبَ الذِكريات
ذَاكِرةُ الأرضِ تَحتلُني
تسكُنُني
تغتَالُني
يُشاركُني حَديثيَ العُشبُ الرَقيق
هُناكَ
فُسحةُ ضَوءٍ نَائمةٌ على فَخِذِ الجَبل
مَقهاً يَرتدي الأحجَارَ مُنذُ سِنين
فوقَ خَاصرتِه تَغفُو عُشبةُ الطَّيون
وعلى رأسهِ قبعةٌ حَمراء
تَتكئُ عليها شَجرةُ زَيزَفون
قَشعريرةٌ شَدتني
جَذبتْني
قَادتني إليه
تَنفستُ الذِكرى
فَتحتُ بابَ الحنين
سَقفهُ خَشبيٌ گبيتِ جَدي العَتيق
شبابيكُ مُقنطرةٌ تُطِلُ على طبيعةٍ غَنَّاء
قناديلُ مختبئةٌ تُضيئُ بإستِحياء
صوتُ فيروز يرتدي المكان
“ما تاري الأحبة ع غفلة بيروحوا ما بيعطوا خبر
ع غفلة بيروحوا “
غُرباءٌ يتمايَلونَ معَ الألحانِ في طربٍ
رجلٌ شاردٌ في بحرٍ من العِشق
نِساءٌ على طاولةِ الثرثرة
يضعونَ أحمرَ الشفاهِ على ثَغرِ الكلمات
هُناكَ
طاولةٌ تتكىءُ على حائطِ الزَّمان
نَادتني إليها
جَلستُ على كُرسيِ الذِكريات
رائحةُ الأحْبابِ بين دُخانٍ الغِيابِ
أتاني النَّادلُ
في وَجههِ إبتسامة
وفي يديهِ لائحةُ الطَعام
طلبتُ قلماً وورقة
قالَ : ألا تُريدينَ شيئاً من …؟
قلتُ
فُنجانَ قَهوةٍ يَتيمَ الهالِ شحيحَ السُكر
وشُكراً
يومٌ تِشريني
بعضُهُ مُشمسٌ
بعضُهُ مُزهرٌ
بعضُهُ غائمٌ
بعضُهُ مُمطرٌ
بعضُهُ شوقٌ
بعضُهُ قصيدةْ
حائرٌ ..مُلبكٌ .. مُشاغبٌ .. مُتعبٌ
يلعبُ بأعصابِ الُمناخ
وأنا أتأبَّطُ كفَّ الَحنين
آهُ الوحدة
شبقُ الشوق
عويلُ الوقت
قهقهةُ الظِل
تَنبُتُ في رأسي أُمنيةٌ
تَلتهِمها سِياطُ الوجع
وتَقتاتها الذكريات
لتبدأَ تعاويذُ البكاءِ
ويُصبِحُ الدمعُ لغةً
والصمتُ أبجديةً
ذاتُ نُون
قالوا
إنها هديةٌ كونية
من سِدرة التجلي الإلهية
قديسةٌ سَماوية
ليسَ كمِثلها شَيء
قالت هيَ
طَبعن … طَبعن
قالوا
إنها أجنحةُ الرِيح
أسطورةُ الغَيم
نبيةُ الحَرف
جنيةُ اللحظة
أيقونةُ سِحر
أنثى بنكهةِ الَّدهشة,اللهفة والشَّهقة
مُدججةٌ بالُأنوثة
أنفاسُها رَبيعية,صَيفيةٌ,خريفيةٌ,شَتوية
طاغيةُ الجَمال بفُصولها البَنفسَجية
قيثارةُ تاءِ التأنيثِ هيَ
نونُ اللازَورد
شاعرةُ الوَرد
فقالتْ هيَ
شُكرن … شُكرن
قالوا
إنها جميع النِسَاء إختزَلت
على سِدرة الحروفِ عرَجت
في قلبِ قارورةِ عطرٍ توَسدَت
طهرُ الثلجِ تلحفَت
لكنْهم قالوا
إنَ كيدهُن عَظيم
قالتْ هيَ
عفون … عفون
إنّ كيدهُن جَميل
ورِفقن بالقَوارير