هي تركة يرثها كل من يخلف كرسي الحكم، فإما أنّ تكون سلسة في كل إجراءاتها، أو أنّ تكون مُعقدة بالملفات الشائكة، فكيف إذا كانت هذه التركة للولايات المتحدة التي عاثت عبر ثلاث عقود إرهابًا في المنطقة، ابتدأ مع التدخل في شؤون الشرق الأوسط بشكل واسع، وفتح ملفات الأسلحة المحظورة، ليتم بعد ذلك التدخل العسكري في المنطقة. فضلًا عن الاحتلال الإسرائيلي للجولان العربي السوري ومزارع شبعا وفلسطين المحتلة؛ هي ملفات كثيرة زرعتها واشنطن في المشرق العربي، وتحديدًا خلال العشر سنوات في سياق الحرب الإرهابية على سوريا.
ومع نقل تركة الرئيس أوباما التي من أبرز عناوينها لهذا الشرق ما يسمى “الربيع العربي”، وقرارات كونداليزا رايس “لشرق أوسط جديد”، وأماني الحركة الصهيونية في صفقة القرن التي ازدهرت خلال سنيّ ولاية ترامب، والتي أظهرت معنى مصطلحات المسؤولين الأمريكيين في كلمة واحدة “الإرهاب”.
رحل ترامب عراب الإرهاب في المنطقة العربية بوجه المدمر، وتسلم بايدن الذي كان نائبًا لأوباما الذي أسس للإرهاب في سوريا، فانتقال السلطة بين الديمقراطيين والجمهوريين ماهي إلا مسرحية تخص المسرح الأمريكي من مخرجين وممثلين ومساعدين، فعلى الرغم من شعار الديمقراطية التي تتستر به واشنطن أمام شعبها وامام العالم الغربي والعربي، إلا أنّ ما حدث من نزاعات بين الجمهوريين والديمقراطيين، دليل كبير على أنّ الدولة العميقة تتعمد أنّ تفسح المجال لهذا النزاع السياسي، لتتدخل في اللحظة الحاسمة وتقوم بتصفية القضية لصالحها، فما يحدث في الولايات المتحدة لا يمكنه أنّ يستمر لعدة أسباب أبرزها وفي مقدمتها السطوة التي تتمتع بها الرأسمالية العالمية عبر الشركات الضخمة وجماعات الضغط وحكومة الظل التي مقرها البنك في سويسرا.
فلا يخفى على أحد أنّ السياسة الامريكية المتبعة في الشرق الاوسط، تنتهج فكر الصهيونية المتطرفة التي تتفرع عبر أفكار وايديولوجيات خاصة تأخذ الأقصى في درجات تطرفها، بُغية خلق بيئة مناسبة وفق متطلبات المرحلة التي يقوم عليها الرئيس المنتظر، فيتم معاينته بشكل دقيق، ومسألة الفرق بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري لا تعدو الفرق بين الأسود والاسود، فكلاهما يمتلكان نفس اللون الذي ينطوي على الظلام المبهم، الذي لا يمكن فك شيفرته إلا عبر ممحاة الصهيونية العالمية.
ومع استلام بايدن كرسي ومفتاح البيت الأبيض، لا يعني أنّ صمام الامان بات في مرحلة الاقتراب من إيجاد الحلول لملفات تعد حساسة للدول المنكوبة على يد الولايات المتحدة، فملفات الداخل الامريكي لها الأولوية وأهمها فايروس كورونا، والاقتصاد الأمريكي فالأمن الصحي والاقتصادي هو الشغل الشاغل للرئيس الجديد، الذي اطل على البيت الابيض في أحلك الظروف وأقساها وبرعاية وختم أمريكي. لتبدا رحلة “أمريكا أولًا”.
العالم يترقب حراك بايدن ومعاونيه، فالشعب الامريكي الذي انتخبه ينتظر بفارغ الصبر تنفيذ بنود خطابه منذ أنّ بدأت منافسات الحصول على مفتاح البيت الأبيض، فهل سيفي بوعوده للشعب الأمريكي أولًا مع كم الوفيات من وباء كورونا؟، وهل سيتم استعادة الدور الأمريكي كقوة عظمى في العالم؟، أم أنّ اخطاء ترامب ستولد شرارات يضاف لها ما يتضمنه الفكر الديمقراطي للرئيس الجديد.
أسئلة تتعقد اجوبتها لأن في السلة الأمريكية أولويات وتناقضات، خاصة أنها دولة لا تضم شعبًا أمريكيًا أصيلًا، وانما مجموعة من الوافدين الذين كونوا ولايات تسمى الولايات المتحدة.