تمتلك مكتبة الكونغرس الأمريكية مجموعة ضخمة من الصور الفوتوغرافية النادرة التي توثق للكثير من الأحداث التاريخية في شتى بقاع العالم، وضمن تلك المجموعة وتحت تصنيف «صور الشرق الأوسط» نجد تلك الصورة العائدة للعام 1940 وهي ترصد جانباً من الاحتفال الرسمي الذي رعاه الملك المؤسس عبدالله بن الحسين وسط عمّان احتفالا بالذكرى الرابعة والعشرين لانطلاق الثورة العربية الكبرى.
الموقع الذي التقطت فيه الصورة غير مذكور الا أن طبيعة المكان وهندسة العمران تشيران بوضوح الا أنه «وسط البلد» أي البقعة الحيوية القديمة من عمّان التي انطلقت منها العاصمة لتتسع وتضم عشرات الأحياء، في تلك المنطقة وامتدادا الى شارع المحطة (شارع الجيش حالياً) كانت تقام جميع الاحتفالات الرسمية في المناسبات الوطنية ومنها عيد الاستقلال والجيش، ذكرى الثورة العربية الكبرى، كذلك الحفلات الموسيقية والعروض العسكرية والرياضية ومباريات كرة القدم، ذلك أن عمّان في تلك الفترة كانت مدينة نامية وبسيطة تفتقر لما توفر في كثير من المدن العربية الكبرى كالقاهرة والاسكندرية وبيروت من مسارح وصالات كبرى وساحات عامة مهيئة للاحتفالات.
الوسط القديم لعمّان
يظهر في الصورة منصة صغيرة أقيمت وسط الشارع يعتليها الملك المؤسس ( الأمير آنذاك) وحوله مجموعة من رجالات الدولة، كما يلاحظ تباين اللباس بين البدوي والريفي أو ذلك الذي مازال يحمل تأثيرات المرحلة التركية كالطرابيش، وتمر من أمام المنصة مركبة عسكرية طبع عليها شعار الجيش العربي.
خلف المنصة يظهر بوضوح جبل القلعة الذي يضم شواهد أثرية عديدة تعود لزمن العمونيين بناة عمان الأوائل اضافة لآثار رومانية ويونانية وعربية، وشهد ذلك الجبل بدايات تأسيس الدولة وتوافد العديد من العائلات الشامية والفلسطينية كما استوطنته عائلات شركسية فبات الحي الأهم والأكبر في عمّان قبل ظهور تجمعات سكانية كبيرة في جبل اللويبدة وجبل عمان والأشرفية وجبل التاج وغيرها من جبال عمان، ويحافظ الجبل الى الآن على ارثه المعماري وبيوته الحجرية العريقة التي تشبه في تصميمها بيوت السلط ونابلس والقدس.
الثورة العربية الكبرى
أطلق الشريف الحسين بن علي شرارة الثورة العربية الكبرى كحركة احتجاج مسلحة ضد الحكم العثماني للبلاد العربية من مدينة مكة في العاشر من حزيران عام 1916 ، وكان للثورة صدى في جدة والطائف والمدينة. وامتدت الثورة ضد العثمانيين بعد إخراجهم من الحجاز حتى وصلت بلاد الشام، وإسقاط الحكم العثماني فيها، وفي العراق؛ وذلك نتيجة للسياسة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى، والتي تمثلت بالتجنيد الإجباري، ومصادرة الأملاك والأرزاق، ومن ثم مجاعة 1915، اضافةً لتهميش العنصر العربي في الدولة.
هدفت الثورة، كما نصّ عليه في ميثاق دمشق، وفي مراسلات الحسين – مكماهون التي استندت إلى الميثاق، على خلع طاعة الدولة العثمانية، وإقامة دولة عربية، أو اتحاد دول عربية يشمل شبه الجزيرة العربية والعراق وبلاد الشام، وفي العام 1918 خسرت تركيا في الحرب العالمية الأولى وانهارت امبراطوريتها فتقاسمت بريطانيا وفرنسا السيطرة على المنطقة وتأسست الدولة الأردنية باسم «امارة شرق الأردن» عام 1921 ، وبقيت تحت الانتداب البريطاني حتى نالت الاستقلال التام عام 1946.
الدستور