حقق النائب العربيّ في الكنيست الإسرائيليّ د. عبّاس منصور عن الحركة الإسلاميّة، حقق مساء أمس الخميس “انتصارًا”: قنوات التلفزيون العبريّة قطعت بثها لتنقل ببثٍّ حيٍّ ومُباشرٍ خطاب النائب، الذي وصف الأسرى الفلسطينيين بالمُخرّبين، وذلك لأوّل مرّةٍ في تاريخ كيان الاحتلال. يُشار إلى أنّ عبّاس، الذي اقتبس آيات من القرآن الكريم، تحدّث في خطابه باللغة العبريّة، زاعمًا أنّه يُمثِّل عشرين بالمائة من سُكّان إسرائيل، أيْ فلسطينيي الداخل.
خطاب عباس من مدينة الناصرة كان موجهًا لليمين الإسرائيليّ في محاولة لبناء قواسم مشتركة مبنية على المحافظة المجتمعية والدينية، مع الأحزاب اليمينية التي ترفض مشاركته في حكومة يمينية أوْ دعمه لها من الخارج بالامتناع عن التصويت ضدها.
ولم يتطرق عبّاس إلى القضايا السياسية الحارقة، وتجنّب استعراض القضايا التي كان قد ركّز عليها خلال حملته الانتخابية تبريرًا لتقاربه من اليمين الإسرائيلي، مثل خطة شاملة لمحاربة الجريمة في المجتمع العربي وقانون كامينيتس لهدم البيوت العربيّة في الداخل الفلسطينيّ، وتوسيع صلاحيات السلطات المحلية، وإصدار تصاريح بناء في البلدات العربية، والاعتراف بالقرى مسلوبة الاعتراف في النقب.
علاوة على ذلك، امتنع عبّاس عن سبق الإصرار والترصّد من ذكر فلسطين، وعندما قدّم نفسه قال “أنا عربيّ مسلم ومواطن في دولة إسرائيل”، كما أنّه تجاهل ذكر القضايا الوطنية، بما في ذلك قانون القوميّة العنصريّ-الفاشيّ، الذي يتعبر العرب في مناطق الـ48 درجة ثالثة وربّما رابعة، ولم يتطرق كذلك إلى القضية الفلسطينية والاحتلال الإسرائيليّ ولم يذكر كلمة فلسطين أو القدس، أوْ المسجد الأقصى المُبارك.
وامتنع عبّاس عن الكشف عن هوية عضو الكنيست الذي يعتزم نواب الحزب الذي يتزعمه “القائمة العربيّة الموحدة” (أربعة مقاعد) توصية الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، بتكليفه في مهمة تشكيل الحكومة الإسرائيلية المقبلة. ودعا إلى ما وصفه بـ” الحياة المشتركة على الأرض المقدسة والمباركة لشعبين وثلاث ديانات”.
وقال عباس: “تصوري هو أنني جئت لتمثيل جمهور بأكمله، أكثر من 20% من سكان الدولة، الذين يعانون من مشاكل أساسية في جميع مناحي الحياة، من الافتقار إلى الأمن الشخصي والمأوى إلى تحقيق الذات الفردية والجمعية”.
وأضاف أنّه “لدينا الفرصة لإحداث الفرق وإنشاء مجتمع مدني واسع من جميع مكوناته. القيادية والمسؤولية مطلوبة في هذا الوقت. لقيادة الجمهور إلى مكان آخر، وخلق ثقة لدى جميع القطاعات حتى نتمكن من المضي قدمًا نحو عقد أفضل”.
وأسهب عبّاس في الحديث عن الجانب الديني والاجتماعي والحياتي اليومي ولم يصدر عنه أي تصريح سياسي باستثناء “الدعوة لتغيير الواقع ووقف التمييز”، معتبرا أن “الواقع الذي نعيشه لا يميز، والبنى التحتية لا تميز، ما إذا كان الذي يستخدمها أو يسير عليها عربي أو يهودي”.
كما دعا عباس إلى إنهاء العنف القائم على العرق أو الدين أو الآراء السياسية. وتابع عباس قائلا: “لا أريد أن أكون جزءًا من كتلة، يمينًا أو يسارًا. أنا هنا ككتلة أخرى انتخبتني لخدمة شعبي وكلفتني بتقديم مطالب الجمهور العربي”.
المعارضون لهذا الـ”نهج الجديد” (!) وصفوا الخطاب بإعلان الولاء من قبل عبّاس للأسرلة والصهيونيّة، فيما قال المؤيّدون أنّ الخطاب هو عمليًا الإعلان الرسميّ عن بداية “حقبةٍ جديدةٍ بين إسرائيل وبين مُواطنيها العرب”، وهنا تكمن خطورة هذا الخطاب، الذي شئنا أمْ أبينا، دخل تاريخ الفلسطينيين الأصلانيين في موطنهم فلسطين، وليس في “دولتهم” إسرائيل، من أوسع أبوابه.
ويُمكِن الجزم بأنّ خطاب عبّاس في الأوّل من نيسان (أبريل) من العام 2021 هو علامة فارقة وتاريخيّة في الصراع العربيّ- الفلسطينيّ مع الحركة الصهيونيّة على أرض فلسطين، التي سُرِقت وهُجِّر أهلها في نكبة العام 1948.
وكان لافِتًا للغاية أنّ غريمة عبّاس، أيْ القائمة العربيّة المُشتركة في الكنيست (6 مقاعد) امتنعت عن نشر بيانات التعقيب على الخطاب الـ”تاريخيّ”، علمًا أنّ جميع الخبراء الإسرائيليين أكّدوا أنّ الخطاب وما جاء فيه هو توطئةً لانضمام عبّاس لحكومةٍ يرأسها بنيامين نتنياهو والتي تضُمّ العنصريين والفاشيين من اليمين المُتطرّف، ولكن انضمامه لا يعني بأيّ حالٍ من الأحوال أنْ يتمكّن نتنياهو من تشكيل حكومةٍ لإخراج كيان الاحتلال من الأزمة السياسيّة التي يعيشها منذ أكثر من عاميْن. رأي اليوم”- من زهير أندراوس