أمير بوخبوط/ والا
في الأسبوع الماضي هبطت في الخرطوم طائرة خاصة قادمة من إسرائيل، بعد التحقيق حول هوية الطائرة تبين أنها نفس الطائرة التي استخدمها رئيس الموساد السابق يوسي كوهين ، مصادر أجنبية أفادت أن عناصر كبيرة من الموساد كانت على متن الطائرة، والذين قدموا إلى السودان للاجتماع مع حمدان دقلو المعروف بلقب “حميدتي”، المنصب الرسمي لحميدتي هو نائب رئيس المجلس الانتقالي، ونائب رئيس السودان الجنرال برهان، لكنه أيضا قائد مليشيات الدعم السريع، وهي الميليشيا المسؤولة عن جرائم حرب في دارفور، والمسؤولة عن تنفيذ مذابح خلال الانقلاب عام 2019، حميدتي يسيطر على الكثير من الموارد، ويُعد من الرجال الأغنياء في الدولة، وتعد ميليشيا الدعم السريع قوة مستقلة غير تابعة للجيش السوداني أو للحكومة.
منذ بداية مسار التطبيع مع السودان، حاول “حميدتي” فتح قنوات اتصال مستقلة مع إسرائيل من أجل دفع أجندته ومصالحه الخاصة قدماً في السودان، حيث فتح هذه القنوات متجاوزاً الرئيس الجنرال برهان، ومتجاوزا رئيس الوزراء المدني حمدوك، وفق ما نُشر في وسائل إعلام عربية، فعن حميدتي التقى في أغسطس 2020 بقادة من الموساد.
مصادر في السودان أشارت أنه منذ ذلك الوقت استمر الاتصال بين حميدتي والموساد رغم استياء الجنرال برهان الذي اشتكى مرتين لإسرائيل في الفترة التي كان مازال نتنياهو رئيساً للوزراء، كما أفادت أن القيادة المدنية والقيادة العسكرية لم تكن على علم بزيارة وفد الموساد الأسبوع الماضي، ولقائهم بحميدتي ورجاله، وأنهم اكتشفوا الموضوع في وقت لاحق، حيث أثارت الزيارة استياءً كبيراً في الحكومة السودانية وشعروا بأن اتصالات إسرائيل بـ “حمديتي” هي محاولة لتقويض الحكومة والوقوف إلى جانب قائد المليشيا.
سبب الغضب في السودان على الاتصال بين إسرائيل وحميدتي ينبع من أن الأسابيع الأخيرة شهدت نزاعاً سياسياً داخلياً بين حميدتي من جهة وبين الجيش والحكومة المدنية السودانية من جهة أخرى، حيث يرفض حميدتي منذ فترة طويلة تنفيذ اتفاقية السلام الداخلية التي تقضي بحل مليشيا الدعم السريع التابعة له، وتسليم سلاحها للجيش السوداني.
في يوم الثلاثاء الماضي تطرق رئيس وزراء السودان حمدوك للصراع الداخلي، وألمح إلى اتصالات حميدتي بإسرائيل، حيث قال أن هناك أطرافاً في السودان تدير علاقات خارجية مستقلة من خلف ظهر الحكومة، كما حذر من خطر حرب أهلية جديدة إذا وصلت التوترات بين الجيش السوداني وميليشيا حميدتي للانفجار.
قبل أسابيع قليلة توجه مسؤولون في الحكومة السودانية للقائم بأعمال السفير الأمريكي في الخرطوم وعبروا عن استيائهم من أن اتصالات إسرائيل تقتصر على الجيش السوداني ولم تصل إلى الحكومة السودانية المدنية، وقد طلب السودانيون من حكومة بايدن إيصال رسالة لإسرائيل حول هذا الموضوع.
أفاد مسؤولون إسرائيليون أنه في أعقاب الشكوى السودانية، طلبت حكومة بايدن من إسرائيل البدء باتصالات مع الحكومة المدنية في السودان كجزء من مسار اتفاق التطبيع بينهم، وعدم الاقتصار على التواصل مع الجناح العسكري من الحكومة السودانية.
منذ القمة بين رئيس الوزراء السابق نتنياهو ورئيس مجلس السيادة السوداني الجنرال برهان قبل عام ونصف ، كانت جميع اتصالات إسرائيل تقريبًا مع الجناح العسكري في الحكومة السودانية، عندما بدأ البرهان في دفع تجاه عملية التطبيع مع إسرائيل ، كان لجزء كبير من أعضاء الجناح المدني في الحكومة تحفظات كثيرة على هذه الخطوة.
أوضحت الحكومة الأمريكية لإسرائيل ان تعزيز الاتصال بين إسرائيل والحكومة المدنية في السودان يقوي مسار التطبيع بين البلدين، “بالمناسبة لم يطلب الأمريكان وقف الاتصالات مع الجناح العسكري من الحكومة السودانية إنما تعزيز الاتصال مع الجناح المدني”، وفق ما أفاد به مسؤول إسرائيلي، أما وزارة الخارجية الأمريكية فقد رفضت التعقيب على الموضوع.
حتى الآن لم توقع السودان وإسرائيل على اتفاق رسمي حول العلاقات الدبلوماسية، إسرائيل صاغت مشروع الاتفاق وأرسلته إلى السودان قبل اشهر لكن السودان لم تقدم أي رد، السودانيون معنيون أن تتبنى حكومة بايدن اتفاق التطبيع وأن ترعى توقيع الاتفاق بين الدولتين.