الكوفية العراقية والتي تسمى شعبياً “الشماغ”، عبرت الجغرافيا متحديةً تضاريسها المعقدة والصعبة،
لتصبح جزءاً من الهوية العراقية الرافدينية من الشمال الى الجنوب و عنوان وحدة العراق و تعدد ثقافته و انتمائاته …
“الشماغ” كلمة سومرية (أش ماخ) وتعني غطاء الرأس،
لبسه سكان الأهوار ورسموا عليه شبكة الصيد وأمواج الماء، وقد استخدمت محاكاةً لشبكات صيد السمك .
ولم تعرف العرب الشماغ (الاسم السومري) أو الكوفية (الاسم الكوفي) إلا في وقت متأخر لا يتجاوز الـ200 عام فقط.
وأقدم صورة موجودة لتمثال الملك العراقي “كوديا” في متحف اللوفر بفرنسا وهو يرتدي شماغاً ملفوفاً على الرأس.
وهنالك مخطوطة لحديث بين عشتار وتموز عندما كانا يتحدثان قبل رحلة لتموز، فطلبت عشتار منه أن يرتدي الشماغ؛ ليقيه حرارة الشمس.
قصة تداول الكوفية / الشماغ العراقي في فلسطين
تعود قصة تداول الكوفية العراقية في فلسطين إلى القرن العشرين، تحديداً في الثلاثينات منه عام 1936،
حيث نشبت عدة ثورات وإضرابات ضد الانتداب الإنكليزي الذي كانت فلسطين تقع تحت سطوته، حيث كان هدفه إنشاء وطن قومي لليهود وعزلها عن محيطها الدولي وإفراغها من أهلها.
وفي ذلك الوقت، لم يكن لفلسطين جيش نظامي، حيث قام بهذه الثورات والاحتجاجات عدد من الفلسطينيين وشكَّلوا خلايا صغيرة في الجبال مهمتها مقاومة هذا الانتداب،
وأطلق على هذه المجاميع لقب “فدائيون”، وكان الأهالي هم من يلقبونهم بهذا الاسم،
وكان هؤلاء الفدائيون يرتدون الكوفية العراقية المرقّطة بالأسود والأبيض؛ لتوافرها بكثرة في الأسواق الفلسطينية، حيث كانوا يغطون وجوههم ورؤوسهم بها بشكل كامل ولا تخرج منها الا عيونهم،
وهذا الشيء دفع بالإنكليز إلى قتل أو اعتقال كل من يرتدي هذه الكوفية. وهنا، حيث قام الشعب الفلسطيني بارتداء هذه الكوفية للتغطية على الفدائيين وإبعاد أنظار الإنكليز وإيهامهم عنهم؛ بل حتى النساء الفلسطينيات قمن بارتدائها؛ مشاركةً للرجال ..
انتقل الشماغ/ الكوفية الرافدينية السومرية من بلاد سومر الى منطقة الخليج ثم شرق الاردن و فلسطين و سوريا والى شمال العراق وحتى التركمان والكورد دخل الشماغ السومري جزء من ازيائهم الجميلة ..
حيث يسمى الشماغ والكوفية و الغترة و الحطّة و المشدة والقضاضة او “الجمدانة
وتحولت هذه الكوفية او الشماغ العراقي الرافديني من رمز رافديني إلى رمز دولي، فتجاوزت كل الحدود الجغرافية وأصبحت رمزاً للنضال الوطني والاجتماعي عند شعوب العالم وكل أحراره،
فنلاحظ الكوفية / الشماغ حاضرة دائماً في كل المظاهرات المناهضة لاضطهاد الشعوب ورمزاً لنضالها وجزء من تراثهم و ثقافتهم .