بقلم : هشام عودة
جلس وراء مكتبه في قيادة وزارة السياحة في الدوّار الثالث لما يقرب من اثنين وخمسين شهراً متواصلة، وظلّ عضواً في أربع حكومات متعاقبة، كانت أولها حكومة الدكتور عبد السلام المجالي الثانية عام 1997 وآخرها حكومة المهندس علي أبو الراغب المشكلة في صيف عام 2000، مروراً بحكومة الدكتور فايز الطراونة وحكومة الرئيس عبد الرؤف الروابدة، حتى صار ينطبق على أبي الليث لقب مهندس السياحة في الأردن.
شغل منصبه الوزاري في عهد الملك الحسين ليواصل مهمته في عهد الملك عبد الله الثاني، وبذلك يكون عقل بلتاجي قد عمل وزيراً في المملكتين الثالثة والرابعة، كما شهدت فترة تولّيه لمنصبه الوزاري انتقال العالم من الألفية الثانية إلى الألفية الثالثة، وبذلك ستحمل الوثائق الأردنية في القرنين اسم وزير السياحة عقل بلتاجي.
مهندس السياحة في الأردن، تحوّل إلى مهندس للاستثمار حين تسلّم رئاسة مفوضيّة سلطة منطقة العقبة الخاصة مطلع الألفية الثالثة، وكان عليه أن يعمل ليل نهار لتحقيق إنجازات ملموسة على الأرض، من خلال علاقاته التي امتدت إلى شرق الكون وغربه، لإقناع المستثمرين بجدوى الاستثمار في العقبة، أو من خلال ترويج العقبة إعلاميا لتصل إلى جهات الدنيا الأربع، في وقت ظلّ فيه حريصاً على بناء علاقات متميّزة مع أهل المدينة الأردنيّة الجميلة باعتبارهم هدف التنمية والاستثمار، فقد نجح عقل بلتاجي في بناء علاقات طيبة مع المدينة، أرضاً ومواطنين وضيوفاً ومشاريع استثمارية كبرى، وامتدت تلك العلاقة إلى شريحة البسطاء من الناس، وإلى أرصفة الطرق وأشجارها التي حرص أن تظل خضراء.
رمال الشاطئ العقباوي وتلك الصحراء التي لا يحدّها أفق منظور، تحوّلت إلى رهان اقتصادي استثماري في فكر أبي الليث وبين أوراقه وبرامجه، واكتشف العقباويون وضيوفهم أن ارضهم ورمال بحرهم وميناءهم قد تحولت جميعها إلى ذهب في برامج المسؤول الذي اختار موقعه في صفوف الناس.
ورغم التحديّات السياسية الكبرى التي شهدتها المنطقة إبّان غزو العراق واحتلاله عام 2003، وانعكاس ذلك على استقرار المنطقة بأسرها وتراجع حركة الاستثمار، إلا أن عقل بلتاجي استطاع الحفاظ على مسار مركبه الاستثماري في بحر عاصف بالأمواج الصاخبة.
في مدينة غزة، وفي مرحلة شهدت تصاعد الهجمة الصهيونية على فلسطين، ولد عام 1941، ليشهد النكبة طفلاً، وتقود رياح الهجرة عائلته إلى الضفة الغربية، حيث أكمل دراسته الثانوية عام 1959 في مدرسة الفرندز في رام الله، ومنها حصل في العام 1961 على دبلوم في التعليم، ليتوجّه بعد ذلك، مثل كثير من أبناء جيله، للعمل في السعودية، ويستمر فيها حتى العام 1969، حيث عاش من هناك نتائج نكسة حزيران 1967، التي قادت عائلته إلى هجرة ثانية باتجاه عمّان.
منذ عام 1969 التحق عقل بلتاجي بالملكية الأردنية، وتدرج في الوظائف الإدراية فيها حتى أصبح نائب المدير الأول لمديرها العام، وخلال خدمته في الملكية الأردنية تمّ اختياره نائباً لرئيس منظمة الطيران العالمية لشؤون التموين، وكان بذلك أول عربي يحتل هذا المنصب الإداري الرفيع على الصعيد الدولي.
عقل بلتاجي، الذي يتميّز بوقار شيب شعر رأسه وشاربيه، يرتبط مع صهره مروان دودين بعلاقة مختلفة، ويستطيع أن يتحدّث عن غزة تماماً مثلما يتحدّث عن الخليل وعمان والكرك والسلط، فقد قضى في الوظيفة الرسمية ما يزيد على أربعين عاما، أهّلته عام 2004 ليكون واحداً من فريق المستشارين للملك عبد الله الثاني، قبل أن يشغل موقعه في مجلس الأعيان لأكثر من دورة، رئيساً للجّنة السياحة في المجلس، ومن خلال خبرته قاد مهرجان جرش في عامي 2012 و 2013، من موقعه رئيسا للجنة الوطنية العليا للمهرجان، وتم اختياره في خريف 2013 ليكون أمينا لعمان.
واحد من الذين ينطبق عليهم القول إن لكل امرئ من اسمه نصيب، وأبو الليث ظلّ عقلا متفتحاً ومنفتحاً في كل المواقع الإدارية والسياسية التي شغلها في العقود الأربعة الماضية.
حقوق النشر محفوظة