بقلم : هشام عودة
ماجد أبو شرار
(1936 ـ 1981)
كان رمزاً من رموز التيار اليساري داخل حركة فتح، وأحد أعمدة الفكر والسياسة داخل الحركة، فمنذ انتمى ماجد أبو شرار إلى حركة فتح، عام 1966، حين كان يعمل معلماً في السعودية، إلى أن استشهد في روما عام 1981، وهو يقف في مقدمة المشهد السياسي، ليس على صعيد حركة فتح فقط، بل على الصعيد الفلسطيني بشكل عام.
أصبح مسؤولاً لتنظيم حركة فتح في السعودية، وعندما استقال من وظيفته هناك، وقرر التفرغ في الحركة عام 1967، تم اختياره عضواً في المجلس الثوري لها، إلى أن اختاره المؤتمر العام الثالث للحركة عام 1971 أميناً لسر المجلس الثوري، وهو المنصب الذي ظل يشغله حتى العام 1980، حين تم انتخابه عضواً في اللجنة المركزية.
ماجد أبو شرار، المولود في بلدة دورا، القريبة من مدينة الخليل، عام 1936، مع بدء اشتعال شرارة الثورة الفلسطينية الكبرى، درس في مدارس دورا، ليغادر إلى القاهرة لإكمال دراسته الجامعية، وهناك عاش أجواء المد القومي المترافق مع تأميم قناة السويس والعدوان الثلاثي على مصر، ليعود إلى الأردن ويعمل مدرسا،ً قبل أن يغادر إلى السعودية ويعمل فيها مدرساً أيضاً، ويستمر هناك حتى العام 1967، حين قرر التفرغ في حركة فتح، بعد احتلال باقي فلسطين، وبدء النشاط العلني للحركة.
لم يقتصر دور ماجد أبو شرار في إطار حركة فتح فقط، بل تعداه ليتسلم مواقع قيادية في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، فقد أصبح عضواً في المجلس الوطني الفلسطيني، وتسلم مسؤولية الإعلام الموحد التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، ومنذ عام 1972 حتى رحيله عام 1981 حجز مقعده في الأمانة العامة للإتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين، ليس لكونه صحفياً وإعلامياً فقط، بل لكونه قاصاً أيضاً، فقد صدرت له مجموعة قصصية في بيروت، حملت عنوان “الخبز المر”.
عدد كبير من الندوات والمهرجانات والمؤتمرات، داخل الوطن العربي وخارجه، شارك بها ماجد أبو شرار، وقدم فيها رؤية الشعب الفلسطيني المتمسك بتحرير وطنه، وكان آخرها المؤتمر الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني الذي عقد مطلع تشرين الأول 1981، في العاصمة الإيطالية روما، وهو المؤتمر الذي شهد آخر نشاط له، حيث قام الموساد الصهيوني باغتياله في التاسع من تشرين الأول، حين وضع له قنبلة تحت سريره في الفندق الذي يقيم فيه، وتم نقل جثمانه إلى بيروت، ودفن في مقابر الشهداء فيها، وكان عمره خمسة وأربعين عاماً.
لم يكن ماجد أبو شراره، على وفاق تام مع عدد من “رفاقه” في قيادة العمل السياسي الفلسطيني، خاصة عند الحديث عن الخيارات السياسية، إذ ظل الرجل واقفاً في خندق”المتشددين”، حتى يومه الأخير، وكان يملك تجربة غنية، ورؤية سياسية وفكرية، جعلت منه واحداً من أبرز المثقفين في إطار العمل السياسي الفلسطيني، وامتدت علاقاته مع عدد كبير من مثقفي ومناضلي الوطن العربي والعالم الثالث.
وفي عهد قيادته للإعلام الفلسطيني الموحد، سعى أن يكون هذا الإعلام لكل فلسطين، خاصة وهو يخاطب المجتمع الدولي، وتم رفد هذه المؤسسة بخيرة الكفاءات الإعلامية الفلسطينية التي كانت تعمل في بيروت، وفي غيرها من عواصم العرب والعالم.
عملية اغتيال أبو شرار بهذه الطريقة، أثارت في حينه مجموعة من الأسئلة حول تورط أكثر من طرف في تنفيذ هذه العملية، من بينها أطراف محلية، التي اعترف كثيرون، بأنها كانت ضربة موجعة للعمل الوطني الفلسطيني من خلال استهداف واحد من أبرز الرموز السياسية، وهو ماجد أبو شرار، الذي كانت له كلمة مسموعة في الوسط الذي يتحرك فيه.