من على الطائرة البابوية العائدة من سنغافورة إلى روما على ارتفاع ألوف الأمتار، يعقد البابا فرنسيس مؤتمره الإعلامي التقليدي، كما في كل رحلة، لكن في هذه المرة قال كلامًا يسرُّنا ويوشحنا كأردنيين، وعرب، بكلّ مشاعر الفخر والاعتزاز بقيادتنا الهاشميّة الحكيمة. فخلال المؤتمر الصحفي قال البابا فرنسيس: «أنا ممتن جدًا جدًا لما يفعله ملك الأردن. إنّه رجل سلام ويحاول صنع السلام، والملك عبد الله هو رجل طيب وصالح».وفي معرض سؤال يتناول الأوضاع المأساويّة التي يشهدها قطاع غزة منذ أكثر من أحد عشر شهرًا، أعرب البابا فرنسيس عن أسفه لعدم اتخاذ خطوات ملموسة لإنهاء الحرب وتحقيق السلام الذي طال انتظاره. ووصف القصف الإسرائيلي للمدارس التي تؤوي النازحين على افتراض وجود مقاتلين في داخلها بالأمر السيء، موضحًا بأنّه لا يشاطر وصف هذه الحرب بأنّها دفاعيّة، أمام صور أجساد الأطفال الضحايا. وقال: «أعتقد أنها حرب أكثر من اللازم، أكثر مما ينبغي»، مركزًا على أنّه على اتصالٍ يوميّ مع الكهنة والراهبات والمقيمين معهم، في داخل كنيسة العائلة المقدّسة، منذ عدة شهور.تصريحات البابا فرنسيس الأخيرة هي استمرار للنداءت العديدة التي أعرب عنها قداسته، كما والكرسي الرسولي، في التشديد والتأكيد على أنّ الحرب هي دائمًا هزيمة للإنسان وللإنسانيّة، وعلى ضرورة اتخاذ كلّ الخطوات المطلوبة من أجل حلّ دائم وعادل للقضية الفلسطينيّة، كون البديل الوحيد لعدم تحقيق ذلك هو استمرار دوامة العنف وعدم الاستقرار في المنطقة.وأمام الصورة المظلمة الحقيقة التي يعيشها قطاع غزة المنكوب، فقد أضاء البابا فرنسيس قبسًا من النور حين أعرب عن امتنانه الكبير للجهود التي يبذلها جلالة الملك عبدالله الثاني، وتوظيفها لخدمة الأشقاء الفلسطينيين. أولاً ميدانيًا من خلال المساعدات الإنسانيّة التي تصل يوميًّا إلى الضفة الغربيّة وقطاع غزة، جوًا وبرًا، عبر نشامى القوات المسلحة الأردنيّة – الجيش العربي.وثانيًا من خلال المنابر والمحافل الدوليّة، حيث يشدّد جلالة الملك على أنّ المنطقة لن تنعم يومًا بالسلام والأمن والاستقرار والازدهار إلا بحلّ عادل للقضية الفلسطينيّة وتلبية طموحات الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة. وهذا موقف أردني ثابت وواضح للجميع. كما تحرص الدبلوماسيّة الأردنيّة، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، على إبراز معاناة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال، وتشكيل موقف عالمي مندّد لهذه الانتهاكات، والدفع لإبقاء القضية الفلسطينية على رأس أولويات المجتمع الدولي.إن إشادة البابا بالملك، والتي تأتي في الذكرى الثلاثين لإنشاء العلاقات الرسميّةبين الأردن وحاضرة الفاتيكان، وفي سنة اليوبيل الفضي لجلالة سيدنا، تعطي اليقين بأنّ الأردن هو، والحمد لله، بلد الأمن والاستقرار، وهو الذي يستطيع بحكمة القائد الحكيم أن يعطي للعالم أسس السلام الحقيقي المبنيّ على الحقيقة والعدالة. وبدون هذه المتطلبات لن يكون سلامًا حقيقيًا.شكرًا قداسة البابا على تذكيرك للعالم بأن جلالة سيدنا هو رجل سلام حكيم وطيب وصالح. لكن ليت العالم يصغي إلى نداءاته، لإيقاف المزيد من إراقة الدماء على الأرض الفلسطينية الطاهرة