بدأت المدة القانونية المقررة لتقديم الطعون بعدم صحة عضوية أعضاء مجلس النواب العشرين، والتي حددتها المادة (71) من الدستور بخمسة عشر يوما من تاريخ نشر نتائج الانتخاب العام في الجريدة الرسمية.وقد تعددت الجهات السياسية والقضائية التي كان يسند لها الاختصاص بالفصل في صحة العضوية، حيث كانت هذه الصلاحية مقررة ابتداء لمجلس النواب نفسه عند صدور الدستور الأردني في عام 1952، فكان لكل ناخب الحق بأن يقدم إلى سكرتيرية المجلس خلال خمسة عشر يوما من تاريخ إعلان نتيجة الانتخاب في دائرته طعنا يبين فيه الأسباب القانونية لعدم صحة نيابة المطعون فيه، وكان يشترط لبطلان النيابة موافقة أكثرية ثلثي أعضاء المجلس.إن هذا الحكم الدستوري القديم كان يشكل اعتداء صريحا على الولاية العامة للمحاكم النظامية بالفصل في المنازعات التي تثور بين الأفراد والجهات الحكومية، كما أنه كان يجعل مجلس النواب هو الخصم والحكم في الوقت ذاته؛ فكانت الطعون بصحة العضوية يتم التعامل معها سياسيا وليس قضائيا.وفي عام 2011، جرى تعديل المادة (71) من الدستور، بحيث انتقل الاختصاص بالفصل في صحة العضوية إلى القضاء النظامي ممثلة بمحكمة الاستئناف التابعة لها الدائرة الانتخابية للنائب المطعون بصحة نيابته وذلك خلال خمسة عشر يوما من إعلان النتائج النهائية للانتخابات في الجريدة الرسمية. كما اتسعت صلاحيات محاكم الاستئناف لتشمل الحكم ببطلان عضوية النائب المطعون بصحة نيابته وإعلان اسم النائب الفائز، وإعلان بطلان الانتخابات في أي من الدوائر الانتخابية إذا ثبت للمحكمة المختصة أن الإجراءات فيها كانت مخالفة لأحكام القانون. وقد سبق لمحكمة استئناف عمان أن قضت في عام 2013 ببطلان نتائج الانتخاب في لواء فقوع في محافظة الكرك بسبب التجاوزات الجسيمة التي شهدتها الانتخابات في تلك الدائرة الانتخابية.وفي عام 2022، خضعت المادة (71) من الدستور لتعديل جديد، بحيث جرى اسناد الاختصاص بالفصل في الطعون بصحة العضوية لمحكمة التمييز، وكانت الأسباب الموجبة لهذا التعديل تتمثل بتوحيد الاجتهاد القضائي في أعلى محكمة في النظام القضائي الأردني، ومنع حدوث أي تعارض في الأحكام القضائية التي يمكن أن تصدر عن محاكم الاستئناف الثلاثة في الأردن؛ عمان وإربد ومعان.فباستثناء تغيير جهة الاختصاص القضائي من محاكم الاستئناف إلى محكمة التمييز، بقيت باقي الأحكام الدستورية ذات الصلة بالصلاحيات القضائية المقررة على الطعون بصحة العضوية كما هي دون تغيير. فمحكمة التمييز تملك الحق في قبول الطعن وإعلان بطلان نيابة العضو المطعون بصحة نيابته واسم النائب الفائز الذي سيحل محله. كما يحق لمحكمة التمييز أن تقرر بطلان الانتخاب في الدائرة الانتخابية إذا ثبت لها نتيجة نظرها في الطعن المقدم إليها أن إجراءات اﻻنتخاب في تلك الدائرة التي تعلق الطعن بها ﻻ تتفق وأحكام القانون.وتبقى الملاحظة الأساسية على الأحكام الدستورية الخاصة بالطعون في صحة العضوية تتعلق بالمدد الزمنية لتقديم هذه الطعون والفصل فيها. فالمشرع الدستوري فتح المجال أمام الناخبين للطعن خلال خمسة عشر يوما من تاريخ نشر نتائج الانتخاب العام في الجريدة الرسمية، وأعطى محكمة التمييز مدة ثلاثين يوما من تاريخ تسجيل الطعن لديها لإصدار قرارها النهائي. فتكون الفترة الزمنية لإنهاء مرحلة الطعون بصحة العضوية هي خمسة وأربعون يوما كحد أقصى، يمكن خلالها أن يعقد مجلس النواب الجديد أولى دوراته البرلمانية، وأن تبدأ جلساته النيابية وفق أحكام الدستور والتي يحق للنائب المطعون بصحة عضويته أن يشارك فيها وأن يصوت على القرارات الصادرة عنها.وعلى الرغم من أن المشرع الدستوري قد احتاط لهذا الموقف بأن اعتبر جميع الأعمال التي يقوم بها النائب الذي أبطلت محكمة التمييز نيابته قبل إبطالها صحيحة وذلك في المادة (71/4) من الدستور، إلا أن بعض القرارات التي قد تصدر عن ذلك النائب تعتبر على قدر عال من الأهمية الدستورية، والتي لا يقبل معها اعتبارها قانونية رغم بطلان عضويته.فقد يكون هذا النائب الذي تقرر بطلان عضويته هو الصوت المؤثر لصالح منح الثقة للحكومة على بيانها الوزاري. فأولى المهام التي سيتصدى لها مجلس النواب الجديد هي التصويت على الثقة بالبيان الوزاري للحكومة. فلا يُعقل أن تحصل الحكومة على الثقة وأن تستمر في شرعيتها الدستورية لسنوات بالاستناد إلى الثقة التي منحها إياها نائب تم لاحقا الحكم ببطلان عضويته في مجلس النواب.وعليه، فإن الحاجة ماسة إلى تقصير المدد الزمنية لتقديم الطعون ضد النواب الجدد وفترة الفصل فيها من قبل محكمة التمييز، بحيث يتم تعليق بدء أي دورة برلمانية للمجلس النيابي الجديد إلى حين صدور القرارات القضائية النهائية في الطعون المقدمة بصحة العضوية