تشهد المرأة الأردنية اليوم تحولاً مهماً في دورها الاقتصادي بفضل جهود الحكومة الأردنية لإزالة العوائق التي تقف أمام مشاركتها الفاعلة في سوق العمل. هذه الخطوات تأتي ضمن إطار رؤية التحديث الاقتصادي، التي تهدف إلى تمكين المرأة وتعزيز دورها في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.ومع التعديلات الجديدة التي أدخلتها الحكومة، مثل رفع إجازة الأمومة إلى 90 يوماً وتوحيدها بين القطاعين العام والخاص، إلى جانب إقرار نظام العمل المرن ونظام عمال الزراعة، تتحقق خطوات مهمة نحو تحقيق المساواة والعدالة بين الجنسين. هذه التعديلات لا تتعلق فقط بتحسين ظروف العمل بل أيضاً بتمكين النساء من الاستمرار في سوق العمل بدلاً من الانسحاب المبكر، وهو ما يُعد تطورًا حاسماً في تعزيز المشاركة الاقتصادية للمرأة، إذ تُظهر الدراسات أن النساء غالباً ما يضطررن للانسحاب من سوق العمل بسبب الأعباء الرعائية التي يتحملنها ?اخل الأسرة.وتبقى القضية أعمق من مجرد تمكين المرأة من العمل، لأنها تتعلق بتقدير القيمة الحقيقية لمشاركتها الاقتصادية، فخروج المرأة للعمل لا يُعزز دخل الأسرة ويحسّن مستوى المعيشة فقط، بل يُسهم أيضا في تطوير شخصيتها وزيادة ثقتها بنفسها بسبب ما ستملكه من خبرات ومهارات، وهذا ينعكس بشكل إيجابي على تربيتها لأطفالها. فالمرأة الواعية القوية التي تعمل وتواجه تحديات الحياة المهنية، تنقل لأطفالها قيم العمل والمعرفة والثقة بالنفس، وهي قيم أساسية لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية.رؤية التحديث الاقتصادي تسعى إلى رفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل إلى ما يزيد على 37% خلال العقد القادم، من خلال سلسلة من الإصلاحات التشريعية، وتحسين بيئة العمل، وتوفير دعم موجه لريادة الأعمال النسائية.من أبرز المبادرات التي أطلقتها الحكومة لتعزيز مشاركة المرأة هي مبادرة إنشاء وحدات تمكين المرأة في المؤسسات الحكومية والخاصة، بالإضافة إلى برامج التمويل الموجهة لتطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تديرها النساء، كما تسعى الحكومة لتحسين البنية التحتية التي تُسهّل على المرأة الدخول إلى سوق العمل، مثل توفير حضانات للأطفال وحلول للنقل الآمن.بالإضافة إلى ذلك، يتزايد الاعتراف بأهمية اقتصاد الرعاية غير المدفوع الأجر، وهو العمل الذي تقوم به المرأة داخل الأسرة، والذي غالباً ما يُعتبر غير مرئي من الناحية الاقتصادية، فتوزيع الأعباء الرعائية بشكل أكثر عدالة بين الجنسين سيساعد في زيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة، ما سيسهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي بشكل عام.من المهم أن تستمر الجهود في تعزيز السياسات الداعمة لمشاركة المرأة الاقتصادية، والعمل على إزالة العوائق القانونية والاجتماعية التي تواجه النساء، وتحسين بيئة العمل، وضمان المساواة في الأجور بين الجنسين، فهذه تعتبر خطوات حيوية لتحقيق التنمية المستدامة في الأردن.وعلينا جميعاً أن نتذكر أن تمكين المرأة ليس مجرد شعار، بل هو شرط أساسي لبناء مجتمع مزدهر يعترف بقيمة الجميع ويساهم في تحقيق مستقبل أفضل، والانتصار للمرأة كي تحصل على حقوقها وفرصتها الكاملة هو انتصار للمجتمع، وانتصار للحياة