في يومه العالمي الذي صادف اليوم السبت، يتألق المعلم كركيزة أساس في بناء غد مشرق باعتباره القوة المحركة التي تحفز الأجيال الجديدة على تشكيل رؤاهم وطموحاتهم واستكشاف آفاق جديدة.ويركز يوم المعلم الذي جاء هذا العام تحت شعار “تقدير أصوات المعلمين: نحو إبرام عقد اجتماعي جديد للتعليم”، على أهمية الإصغاء للمعلمين ومعالجة التحديات التي تواجههم، وتقدير المعارف والخبرات التي يقدمونها والاستفادة منها في مجال التعليم، وضرورة دمج تصوراتهم في السياسات التعليمية، وتعزيز بيئة مواتية لتطويرهم المهني.ويؤكد متحدثون لوكالة الأنباء الاردنية (بترا) أن الأردن ملتزم بتعزيز مكانة المعلم وتطوير قدراته من خلال مجموعة متنوعة من المبادرات والبرامج التي تركز على رفع جودة التعليم، ذلك أن الاستثمار في تطوير أداء المعلمين يُعد استثمارًا حقيقياً في مستقبل الوطن، حيث تسهم هذه الجهود في بناء مجتمع مبدع وقادر على النمو.وبمناسبة هذا اليوم أطلقت جمعية جائزة الملكة رانيا العبدالله للتميز التربوي حملة “ملهمي من الألف إلى الياء” تكريما وتقديرا للمعلمين، وإبرازا لجهودهم في تحويل الفصول الدراسية إلى منصات للإبداع والتحفيز، ولما يقدمونه من مبادرات أسهمت في إشعال حماس الطلاب نحو التعلم والتميز.وقالت الجمعية إن حملة “ملهمي من الألف إلى الياء” تهدف إلى تسليط الضوء على الأثر الإيجابي والبالغ للمعلمين في إنشاء أجيال المستقبل، متمكنين وقادرين ومشاركين في نهضة الوطن.وأوضحت الجمعية أنه يتم إطلاق الحملة سنويا بشراكات مجتمعيّة من كافة القطاعات في المجتمع، بالإضافة إلى الحضور الرقمي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.المعلمة ريم علي ارتيمه الحائزة على جائزة الملكة رانيا للتميز التربوي في فئة رياض الأطفال عن الفئة الأولى (أ) للعام 2021، والتي تكرس جهودها على تعليم الأطفال من ذوي الإعاقة السمعية في مدرسة ماركا لذوي التحديات السمعية.وفي حديثها عن أهمية يوم المعلم، تشير إلى الدور الحيوي الذي يلعبه المعلم في نهضة المجتمع.وقالت، “لقد بذل المعلمون جهودًا كبيرة لتنشئة أجيال متمكنة ومثقفة، قادرة على التعامل مع تطورات العصر”، معتبرة الاحتفالات بيوم المعلم وسيلة لتقدير تلك الجهود الضخمة وتأكيد القيمة الكبيرة التي يمثلها المعلمون في المجتمعات، مشيرة الى نجاح مبادرة “نجم الصف” التي أطلقتها في مدرستها لتعزيز قدرة الطلاب وتحفيزهم على تقديم أفضل ما لديهم.وتؤكد المرشدة التربوية في جائزة المرشد التربوي المتميز ولاء عبدالله البستنجي أهمية التواصل المستمر مع أولياء الطلبة سواء بشكل وجهًا لوجه أو من خلال الاتصال الهاتفي، قائلة “أعمل دائمًا على إطلاعهم على قضايا أبنائهم واحتياجاتهم، والإجابة عن استفساراتهم وتعزيز تبادل الآراء البناءة”، مشيرةً إلى أهمية تطوير طرق التواصل الفعالة لتحسين تجربة التعليم.وتعبر البستنجي عن مشاعرها حين يتجاوز الطلبة التحديات الأكاديمية والحياتية بمساعدتها، بقولها “هذا هو حصاد ما زرعته، وهو دليل على أن عملي كان صحيحًا وناجحًا. لابد من الاستمرار في ترك بصمة ثابتة وفارقة في حياة طلبتنا الأعزاء”.وتسترجع معلمة التاريخ في مدرسة كفر الماء الثانوية الشاملة للبنات بمديرية الكورة، ساهرة أحمد بني دومي ذكريات مشوارها التعليمي، حيث واجهت تحديات مع بعض طالباتها اللاتي كن يعانين من صعوبات في التعلم، مستذكرة كيف أنها عملت على تعزيز ثقتهن بأنفسهن.وتؤكد بني هاني الحاصلة على الماجستير بفضل المنحة التي منحتها إياها جمعية جائزة الملكة رانيا للتميز التربوي،أننا “جميعنا قادرون على التغيير”، مشيرة الى أنها وضعت خطة لتحفيز طالباتها على تقديم الأفكار والمبادرات، قائلة “كل نشاط نقوم به هو نتيجة لأفكار طالباتي، وهو ما يعزز من روح الفريق والإبداع في العمل ومع مرور الوقت بدأت النتائج تظهر”.وتلخص بني دومي رسالتها لطالباتها بالقول “أنتم متميزون في اختلافكم، وهذا الاختلاف هو ما يجعلكم فريدين، ابحثوا عن كل ما هو جديد لتطوير أنفسكم، وثقوا بأن بالإرادة والثقة والتصميم، يمكنكم تحقيق أجمل الطموحات”.وتشير المعلمة انتصار مسلم الفقراء الى مسيرتها التعليمية كمعلمة لغة عربية في مدرسة الربة الثانوية الشاملة المختلطة في منطقة القصر، حيث توجت رحلتها بتحقيق المركز الأول عن الفئة الرابعة في جائزة المعلم المتميز لعام 2023.وتؤمن الفقراء بأن “المعلم هو باني الأجيال، وحامل أمانة تشكيل مجتمع قوي ومتماسك”، مشيرة الى أنها كانت شغوفة بهذا الدور منذ الطفولة، وطورت قدراتها في التواصل مع أولياء الأمور لتحسين مستوى الطلاب التعليمي من خلال الوسائل الحديثة والتواصل الاجتماعي أداة لخلق قصص نجاح لطلبتها.الناطق الإعلامي في وزارة التربية والتعليم الدكتور عاصم العمري أكد الدور الحيوي الذي تلعبه الوزارة في دعم وتعزيز كفاءة المعلمين ومهاراتهم من خلال تطوير ميثاق مهنية التعليم ومناهج التنمية المهنية.وأوضح أن الوزارة تركز على تقديم خدمات إشرافية قائمة على احتياجات المعلمين، وتعزيز دعم تبادل الخبرات بينهم، فضلاً عن تطبيق برنامج تطوير المدارس والمديرية، حيث تُعتبر المدرسة الوحدة الأساسية للتطوير.وأشار العمري إلى الاستراتيجيات والخطط التي تنفذها الوزارة لتطوير مهارات المعلمين، موضحًا أن الوزارة تعمل على توسيع تجربة المعلم الداعم، التي تهدف إلى تعزيز تبادل الخبرات وتقديم الدعم من جهاز الإشراف التربوي القائم على الحاجات الفعلية.وقال، إن الوزارة حدثت وثيقة الإشراف التربوي لتشمل مسميات إشرافية حديثة ومتقدمة على مستوى العالم، فضلاً عن إنشاء نظام إشراف إلكتروني يهدف إلى تحسين جودة الخدمة الإشرافية، لافتا الى دور الوزارة في تشجيع تنفيذ مجتمعات التعلم المهنية، وتقديم التدريب للمعلمين على المناهج المطورة، والبرامج والمشاريع التي تسعى الوزارة إلى تطبيقها لرفع كفاءة المعلمين.وأكد أن الوزارة تسعى إلى تحسين آلية بناء قدرات وتأهيل المعلمين لضمان ممارسات مهنية متميزة، من خلال التوسع ببرنامج الدبلوم لإعداد المعلمين ما قبل الخدمة بالتعاون مع الجامعات، وتنفيذ مجموعة من برامج التنمية المهنية تتناسب مع احتياجات المعلمين التخصصية والعامة، مثل الدبلوم في القيادة المتقدمة، والدبلوم المهني أثناء الخدمة، وبرنامج المعلمين الجدد والمشرفين الجدد، بالإضافة إلى تفعيل التنمية المهنية اللامركزية وتطوير برامج التنمية المهنية لجميع الفئات، وتدريب المعلمين على مسار التعليم المهني والتقني وأولئك الذين سيتم تعيينهم في هذا المسار، مشيرا الى ابتعاث قرابة 3000 معلم ومعلمة للحصول على دبلوم ما قبل الخدمة وتم تعيينهم، فيما سيتم ابتعاث ما يقارب 4000 معلم ومعلمة آخرين في الدبلوم.يشار إلى أنه يتم تنظيم اليوم العالمي للمعلمين سنوياً بتاريخ 5 تشرين الأول منذ عام 1994 لإحياء ذكرى توقيع توصية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) ومنظمة العمل الدولية لعام 1966 بشأن أوضاع المدرسين، باعتبار أن هذا اليوم هو فرصة للاحتفال بالإنجازات والنظر بطرق كفيلة بمواجهة التحديات المتبقيّة من أجل تعزيز مهنة التدريس