رصد برنامج عين على القدس الذي عرضه التلفزيون الأردني، أمس الاثنين، استهداف الاحتلال لـ “زيت وزيتون” فلسطين، ضمن سعيه المتواصل للنيل من كل ما في فلسطين من حجر وبشر وشجر.
ووفقا لتقرير البرنامج المصور في بلدة عيا شمال شرق رام الله، قامت سلطات الاحتلال بحرمان الآلاف من الفلسطينيين في الضفة الغربية من الوصول إلى أراضيهم لقطف ثمار الزيتون، للعام الثاني على التوالي، وذلك بحجة إعلان هذه الأراضي مناطق عسكرية.
وأضاف التقرير أن اعتداءات سلطات الاحتلال لم تقتصر على منع الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم، بل تجاوزت ذلك بالسماح للمستوطنين بالسطو على محصول الزيتون تحت حماية قوات الاحتلال، قبل أن يقوموا بحرق الأشجار وخلعها من جذورها، كما أن قوات الاحتلال قامت بالاعتداء على أصحاب هذه الأراضي وطردهم منها بالقوة، إضافة لإطلاق النار عليهم، ما أدى إلى استشهاد فلسطينية قبل بضعة أيام أثناء قطفها لأشجار الزيتون، مشيرا إلى أن إرهاب ميليشيات المستوطنين هذا يأتي تحت غطاء من وزراء اليمين المتطرف الإسرائيلي، بهدف تهجير الفلسطينيين من أراضيهم في القدس والضفة الغربية.
ولفت التقرير إلى أنه بحسب مصادر فلسطينية، فإن محصول الزيتون لهذا العام يعد من أقل الأعوام قطفا للمحاصيل، بسبب إرهاب المستوطنين ومنع جنود الاحتلال الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم، حيث تشير التقديرات إلى أن أكثر من 96 دونما من الأراضي المزروعة بالزيتون في جميع أنحاء الضفة الغربية يعتبرها الاحتلال مناطق عسكرية، ما نتج عن هذه الانتهاكات ضياع محصول كبير من الزيتون.
وخلص التقرير إلى ان شجرة الزيتون التي يعتبرها الفلسطينيون مثالا للثبات ورمزا للصمود، أصبحت هدفا واضحا لسياسات الاحتلال ومستوطنيه، وجزءا لا يتجزأ من الحرب الوحشية التي يمارسها الاحتلال ضد الفلسطينيين.
وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الزراعة في دولة فلسطين، محمود فطافطة إن شجرة الزيتون تعد هوية في فلسطين، ورمزا للتحدي والصمود، إضافة إلى أن عمرها أطول من عمر الاحتلال، مؤكدا تجذرها في الأرض الفلسطينية منذ آلاف السنين.
وتغطي اشجار الزيتون رقعة كبيرة ضمن الأرض الفلسطيينية، تبلغ أكثر من 85 بالمئة من أراضي “البستنة الشجرية” التي تُزرع في دولة فلسطين، ما يجعل الاحتلال يعمل جاهدا على اقتلاع هذه الأشجار والاعتداء عليها وعلى أصحابها لاقتلاعهم من أراضيهم.
وأفاد فطافطة بأن تقارير الوزارة حول الأضرار التي يحدثها الاحتلال ومستوطنيه على المحاصيل الزراعية، أبرزت أن أكثر المحاصيل التي يتم الاعتداء عليها هي أشجار الزيتون، مشيرا إلى أنه منذ السابع من تشرين الأول 2023 وحتى اليوم، تركزت الاعتداءات على محصول الزيتون، اذ أن نحو 100 الف شجرة زيتون لم يتم الوصول إليها، إضافة لتعرض أكثر من 10 آلاف دونم لعمليات التخريب والتكسير والاقتلاع.
ولفت الى ان المتجول حول المستوطنات يلاحظ الحرائق التي قام المستوطنون بافتعالها على هذه الأشجار، لاسيما وان هاجس المحتل يدور حول ارتباط أشجار الزيتون بالوجود الفلسطيني، ما ولد لديه قناعة بأن وجودها قرب المسستوطنات يشكل خطرا محدقا لوجوده.
وأشار إلى أن المواطن الفلسطيني تكبد خسائر تقدر بأكثر من 85 مليون دولار بسبب هجمة الاحتلال على محصول الزيتون منذ بدء عدوانه على قطاع غزة، بسبب علم سلطات الاحتلال أن معظم الفلسطينيين يملكون أشجار زيتون، كما أنها تشكل مصدر رزق للكثير منهم، مؤكدا ان الاحتلال يسعى للتأثير على الناس والتضييق عليهم اقتصاديا من خلال هجومه على مصدر رزقهم المتمثل في زراعة الزيتون، وهو ما يعتبره الاحتلال “ورقة رابحة” في مخطط تهجير الفلسطينيين.
وحول خريطة الواقع الزراعي الفلسطيني وتوزيع الزراعة في فلسطين، قال الفطافطة إن فلسطين تتكون من خمسة أقاليم زراعية؛ ساحلي وشبه ساحلي، ومرتفعات جبلية، والأغوار والسفوح الشرقية، حيث تنتشر في المناطق الساحلية زراعة النباتات الاستوائية وشبه الاستوائية كالجوافة والمنجا والأفوكادو، كما يشتهر قطاع غزة بزراعة التمور والحمضيات، فيما تكثر في مناطق المرتفعات زراعة الزيتون واللوزيات والتفاح والعنب، في حين تتميز الأغوار بزراعة النخيل والخضروات، وأما السفوح الشرقية فيتم زراعة معظمها بالمحاصيل الحقلية.
وأشار إلى أن أكبر رقعة تتمثل بالمناطق الجبلية الممتدة من جنين شمالا حتى الخليل جنوبا تزرع بأشجار الزيتون، والمقدرة بأكثر من 13 مليون شجرة، مبينا أن قطاع غزة كان يحتوي على أكثر من مليون شجرة زيتون تم تدميرها خلال الاعتداء عليه، وأن القدس أكثر محافظة تنتشر بها أشجار الزيتون، وهي تحيط بالمسجد الأقصى المبارك، وبالأماكن المختلطة التي يتواجد بها المواطن الفلسطيني والمحتل الإسرائيلي، كالحدائق وبالقرب من المنازل والبساتين في مناطق سلوان وجبل المكبر وباقي القرى الفلسطينية والمناطق القريبة من المستوطنات وجدار الفصل العنصري، إضافة إلى المناطق المغلقة، وجميعها تتعرض لانتهاكات كبيرة من قبل الاحتلال.
واكد الفطافطة ان نحو 25 ألف دونم من الأراضي المزروعة بأشجار الزيتون في القدس يسيطر عليها الاحتلال ويتحكم بوصول المواطنين إليها، موضحا أن وزارة الزراعة في دولة فلسطين قامت بإطلاق مشروع “تخضير فلسطين”، توزع من خلاله نحو مليون شجرة من أشجار الزيتون وغيرها من أشجار البستنة والأشجار الحرجية، ضمن صراع بقاء مع الاحتلال، من أجل استدامة القطاع الزراعي وتنميته وتطويره، وخصوصا فيما يتعلق بشجر الزيتون.