قال الباحث في مركز تقدم للسياسات – لندن، أمير مخول، إن وتيرة الضم والاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية تسارعت بشكل غير مسبوق، وذلك بعد تحويل صلاحيات جيش الاحتلال تجاه المستوطنات إلى إدارة مباشرة تحت إشراف الوزير سموتريتش، ليُسبب هذا التحول جعل منظومة الاستيطان بمثابة وزارة مخصصة للضم، تعمل خارج أي رقابة قانونية فعلية. أن الضفة الغربية أصبحت ساحة لموجة جديدة من الاستيطان، تمثلت في إقامة 47 بؤرة استيطانية جديدة، معظمها مزارع استيطانية، خلال فترة قصيرة، وهو ما يُترجم إلى معدل بؤرة واحدة أسبوعيًا. وهذه المزارع، التي تعتمد على مستوطنات عائلية صغيرة أو جماعات محدودة العدد، تُستخدم كوسيلة للسيطرة التدريجية على الأراضي، حيث يتم تجهيزها بالبنية التحتية اللازمة من طرق وكهرباء ومياه. وبالمقارنة مع المعدل السنوي البالغ سبع بؤر استيطانية قبل عام 2024، فإن هذه القفزة بنسبة 500% تعكس تغيّرًا جذريًا في سياسة الاستيطان. وبيّن مخول أن هذه البؤر تُعتبر “غير قانونية” حتى وفق قوانين الاحتلال، إلا أنه لم يتم إخلاء أي منها. بل على العكس، تتواصل عملية بناء المستوطنات وتوسعتها، فالمشاريع القائمة تشمل بناء أكثر من 8681 وحدة سكنية جديدة، وإقامة 5 مستوطنات جديدة، بالإضافة إلى قوننة 3 بؤر استيطانية كأحياء ملحقة بمستوطنات قائمة. كذلك، أعلنت إسرائيل عن تحويل 24913 دونمًا إلى “أراضي دولة”، وهو ما يعادل نصف ما تم تحويله منذ اتفاقيات أوسلو على مدار ثلاثين عامًا، ما يبرز سرعة التوسع الاستيطاني الحالية. وأشار إلى أن هذه السياسات ترتكز على تكامل أدوار المستوطنين والدولة، فهو يظهر من خلال الاعتداءات اليومية والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية بالقوة، بينما تقدم الدولة الدعم المالي واللوجستي لضمان استدامة هذه العمليات، إذ تم تخصيص عشرات الملايين من الشواكل لدعم البؤر الاستيطانية، بما في ذلك 75 مليون شيكل للبؤر “غير القانونية”، و409 مليون شيكل لمشاريع “متميزة” في المستوطنات، إضافة إلى ميزانية خماسية تبلغ 7 مليارات شيكل لتطوير الطرق والمرافق في المستوطنات. ولفت مخول الانتباه إلى النقب، حيث تبدو المزارع الاستيطانية جزءًا من استراتيجية التهويد التي تعود جذورها إلى بداية المشروع الصهيوني. وهذه المزارع تُعتبر وسيلة فعالة للسيطرة على الأراضي بأقل عدد ممكن من السكان اليهود، مشيرًا إلى أن مزرعة رئيس الوزراء الأسبق أرييل شارون، التي تبلغ مساحتها نحو أربعة آلاف دونم، تعد مثالًا بارزًا على هذا النوع من الاستيطان. وعلى الرغم من نضال الفلسطينيين في النقب، فإن سياسات التهجير القسري مستمرة، وكذلك الأمر مع قرية أم الحيران، التي تم تهجير سكانها قسرًا عام 1956 وأُعيد تهجيرهم مرة أخرى عام 2002، وهي تعد نموذجًا صارخًا لهذه السياسات. أما في شمال قطاع غزة، فتُطبق إسرائيل سياسة التطهير العرقي بشكل ممنهج، والمنطقة العازلة التي تسيطر عليها إسرائيل، بما تشمله من محور نيتسريم الموسع، تبتلع نحو ثلث مساحة شمال القطاع. كما أن تهجير الفلسطينيين من هذه المناطق يجري على قدم وساق، بينما يتم التحضير لتوسيع النشاط الاستيطاني فيها. ورغم أن إسرائيل لا تعلن رسميًا عن خطط استيطانية جديدة في القطاع، إلا أن المؤشرات على الأرض تؤكد أن المشروع قيد التنفيذ، . ونوّه مخول إلى أن هذه الممارسات ليست استثناءً، فهي تعكس رؤية استراتيجية تنفذها الصهيونية الدينية الحاكمة، التي ترى في عودة دونالد ترامب إلى الحكم فرصة ذهبية لتعزيز مشاريع الضم والاستيطان، خصوصًا في الضفة الغربية. وما يجري على الأرض يعد عملية إعادة تشكيل جذرية للجغرافيا الفلسطينية بما يخدم أهداف الاحتلال طويلة الأمد. وأكد أن التعامل مع هذا الواقع يتطلب تحركًا فلسطينيًا وعربيًا ودوليًا فاعلًا، فمن الضروري توحيد الجهود الفلسطينية لمواجهة مشروع الضم والاستيطان ككتلة واحدة بدلًا من النظر إليه كقضية مجزأة، مع ما يتطلبه ذلك من التوجه نحو المحافل الدولية، مثل لجنة حقوق الإنسان الأممية ومحكمة العدل الدولية. ونادى مخول بضرورة أن يكون هناك نضالًا موحدًا في هذه المرحلة، وما يجب أن يكون عليه لمواجهة التهديد الوجودي الذي يشكله المشروع الصهيوني على كل الفلسطينيين في الداخل والشتات
اترك تعليقاً