بقلم هشام عودة
يتذكر موسى حجازين أن الفنان محمود الزيودي هو الذي قدمه ذات يوم بعيد في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي لأسرة حارة “أبي عواد” التي فتحت له أبواب الحارة ليطل منها على الشهرة والنجومية، بعد أن عرفه الجمهور ممثلاً كوميدياً لا يشبه غيره من الفنانين.
“سبع صنايع” لكن حظ “سمعة” ليس ضائعاً، فهو يقدم نفسه ممثلاً وعازفاً ومطرباً، وربما يمتلك الرجل مؤهلات أخرى لا يعرفها المعجبون بشخصية هذا الفنان الأردني الذي يفيض طيبة وبساطة وهدوءاً.
الفلاح القادم من أطراف مدينة الكرك، وتحديداً من قرية السماكية التي ولد فيها عام 1955، اتخذ قراراً جريئاً ذات صيف في مطلع السبعينيات، يتعلق بدراسة الموسيقى في مصر، ليجد نفسه في جامعة حلوان، ويتتلمذ على يد أحد أشهر الموسقيين العرب في النصف الثاني من القرن العشرين، الموسيقار أحمد فؤاد حسن قائد الفرقة الماسية التي عزفت أجمل الألحان العربية .
في القاهرة تعرف موسى حجازين على الموسيقى والمسرح والسينما، وتعرف كذلك على نجوم الفن العربي، حين كانت “أم الدنيا” بوابة الشهرة الواسعة التي يتمنى اجتيازها كل الفنانيين العرب، وشهد بأم عينه كيف ودعت القاهرة في تلك السنوات الفنان عبد الحليم حافظ الذي كان يتربع على قمة الفن العربي .
بعد خمس سنوات قضاها في القاهرة، طالباً وسميعاً، عاد موسى حجازين يحمل البكالوريوس في التربية الموسيقية، وهو تخصص لم يكن شائعاً بين أبناء جيله، ليصبح مدرساً في المدرسة الأرثوذكسية، ساعياً بكل وعيه لإشاعة الثقافة الموسيقية في حياة الناس، ويقوم مع عدد من أصدقائه بتأسيس رابطة الموسيقيين التي اندمجت بعد أكثر من عشر سنوات في إطار نقابة الفنانين، التي انتدبت “سمعة” ليكون محكّماً في مهرجان القاهرة الفني والإعلامي، وفي ذلك اعتراف بدور الفنان الذي امتلك الوعي والجرأة ليقول رأيه في مهرجان كبير بحضور اساتذته في الفن الموسيقي.
الفلاح الكركي الذي عاش في داخله، لم يمنعه من الإنتماء لفرقة الفحيص ويعمل في إطارها، وهي الفرقة التي قدمت نفسها بجدارة، أردنياً وعربياً.
“سمعة” الذي عرفه الجمهور الواسع من نافذة حارة “أبي عواد” صار”نمطاً” مميزاً في الدراما الأردنية يصعب تقليده، ويقود اليوم مركب “الكوميديا الساخرة” في المشهد الفني الأردني، بشقيه المسرحي والتلفزيوني، إلى درجة أن بعض ” المؤسسات التجارية” قرنت عملها بكوميديا “سمعة” لترويج اسمها بين الناس، في حين تراجع اسم موسى حجازين أمام منافسه الفني .
إذا كانت مسرحية ” شي غاد” هي التي كشفت موهبة فنان أردني متميز، صار اسمه”سمعة” فإن الشراكة التي ربطت بين الفنان موسى حجازين والفنان محمد الشواقفة، فجرت الكثير من إبداعات “سمعة” التي تمددت شهرته خارج حدود الوطن، حين عرض مسرحياته في مدن أميركية عديدة، وشراكته اللاحقة مع الكاتب أحمد حسن الزعبي كشفت البعد الخفي في الكوميديا السياسية الساخرة التي أبدع ” سمعة” في تقديمها للناس .
أثبت عبر تجربته الفنية الممتدة على مساحة ثلاثة عقود، أن مغنية الحي تطرب أيضاً، وظلّ قادراً على ” إضحاك” جمهوره، وهو يمعن بتقديم سخريته اللاذعة التي اخترقت نسيج المشهد السياسي الرسمي، دون أن يقع في السطحية أو الإبتذال، ومع أنه قدم أعمالاً تلفزيونية تاريخية وأخرى للإطفال، إلا أن صورة الكوميديان الساخر هي التي كرست اسم “سمعة” وحضوره في أذهان الناس الذين احتفظوا له بمساحة يستحقها في يومياتهم، حتى لو غابت صورته عن شاشة التلفزيون.
في التصنيفات السياسية يقف موسى حجازين في خندق خياراته القومية والعروبية، وهو يعرف جيداً أن قريته الصغيرة أنجبت أحد أبرز القادة الشيوعيين العرب الدكتور يعقوب زيادين، وقد استحق في مسيرته الفنية الكثير من الجوائز وشهادات التقدير، فيما يباهي بالوسام الذي قلّده إيّاه الملك عبد الله الثاني في ذكرى الإستقلال عام 2008.
هل يضحك”سمعة” سؤال يطرحه عشاقه من البسطاء والمهمشين، وهم يدركون جيداً أن “أستاذ” الكوميديا الساخرة، قد يقف عاجزاً أمام قسوة الظروف وهي تجتاح عالمنا الذي بات مليئا بالحزن.
زوجة وابنة وولدان وعود وعشرات الأعمال التلفزيونية والمسرحية والفنية، هي أسرة الفنان موسى حجازين الذي صار اسمه منذ عام 1983 “سمعة” حين كان “قهوجياً” في حارة أبي عواد، وهو عضو في صالون الرواد الذي يقوده الفنان صخر حتر، وعضو مؤسس في بيت الرجاء للخدمة المجتمعية، وكثيراً ما يدندن بأغنيات الفنان الرائد عبده موسى.