ويتساءلون عن المجدِ غيرَ آبهينَ أنَّكَ صيغةُ التفضيلِ منه: “أمجد”.
“أمجد”، يا لوحةَ “الموناليزا” في عصرِنا، في مُنجَزِكَ وقيمَتِكَ ومكانَتِكَ وتاريخِكَ.
لكلِّ قصةِ عزٍّ وكبرياءٍ، يظهرُ علينا فارسٌ يلوِّحُ بيديهِ بسيفِ المُنجَزِ وعلمِ الاستثناءِ، إلَّا فارسَ ليلتِنا هذه، عطوفةَ اللواءِ المتقاعدِ، مساعدِ مديرِ المخابراتِ الأسبق، أمجد باشا الشمايلة.
عرفتُكَ، عماه، منذُ سنينَ طويلةٍ، وتعلَّمتُ في مدرستِكَ معاني الصِّدقِ والرُّجولةِ والإباءِ، وتتلمذتُ على يدِكَ وأنا أحبو نحوَ مُنجَزِكَ، فهالةُ عطائِكَ كانتْ كبيرةً تُغذِّي كلَّ من حولَكَ، لتعزفَ لنا طربًا أصيلًا، مُفرَداتُ كلماتِهِ مُزدانةٌ بالرُّجولةِ والصِّدقِ والإباءِ.
من منَّا يُنكِرُ أنَّ هذا الفارسَ، الذي وُلِدَ لأبٍ كان وَتِدَ البيتِ وعامودَ اتِّزانِهِ لعشيرتِنا كلِّها، إن لم يكن للأردنِّ كافَّةً؟ فقد كان فارسَ علمٍ وحقٍّ، أحبَّ الوطنَ وأحبَّ الناسَ، فصار كوليٍّ يتقرَّبُ له الناسُ محبَّةً ومعزَّةً، حتى شاءَ القدرُ أنْ ينالَ ما يستحقُّ، سفيرًا للأردنِّ، حاملًا اسمَ عشيرتِنا عاليًا، ووطنًا أعلى. كيف لا وهو مَن كان عمُّ والدِهِ أوَّلَ وزيرٍ من جنوبِ الأردنِّ قاطبةً، بدلالةٍ تعطي انطباعًا عن قيمةِ هذه العائلةِ التي جُبِلَتْ على الحقِّ وحبِّ الوطنِ؟
أمجد، الذي بدأَ طفولتَهُ شابًّا مُهذَّبًا، مُلتزمًا بدراستِهِ، مُتفوِّقًا فيها، إذ جذبَ أنظارَ العالمِ كلِّه، حتى أستاذتُهُ، الذين أكَّدوا أنَّه أكبرُ من عمرِهِ لفِطنتِهِ، وفصاحتِهِ، ورَزانَتِهِ، وكَيَاسَتِهِ، ليُتمَّ تعليمَهُ الثانويَّ والجامعيَّ، ثمَّ يلتحقَ بإحدى أهمِّ المؤسَّساتِ الأمنيَّةِ الأردنيَّةِ، ويُثبِتَ نفسَهُ ليصلَ إلى ما وصلَ إليه.
هذا القائدُ الفذُّ كان عنوانَ الرُّجولةِ، وصورةً من صورِ التَّميُّزِ والاستثناءِ، وحقَّقَ إنجازاتٍ كبيرةً خطفتْ أنظارَ مسؤوليهِ وحتى القصرِ، لما كان يَمتلِكُهُ من حُسنِ بصيرةٍ، وحداقةٍ بارعةٍ، وحسٍّ أمنيٍّ لا مثيلَ له.
أمجد لم يكنْ يومًا من المُتسلِّقينَ، بل كان من المُجتهدينَ المُثابرينَ، جعلَ بوابةَ مكتبِهِ مُشرَعةً للغريبِ قبلَ القريبِ، وكان جوابُهُ الذي اعتادَ عليه الجميعُ: “أبشر”، على أنْ لا تكونَ مخالفةً قانونيَّةً.
يَكفيكَ، يا أمجد، أنَّكَ كنتَ عنوانَ الرُّجولةِ، سِمفونيَّةَ العطاءِ، فارسَ الحقِّ، إمامَ الصِّدقِ، وروحَ المنطقِ، ويكفيكَ، يا عماه، أنَّكَ خَطَطْتَ طريقًا لا يمكنُ لغيرِكَ السَّيرُ فيه، فهو محفوفٌ بمكارمِكَ، لتبقى شيخَنا وسيدَنا، وعنوانَ فَخرِنا ومُنجَزِنا، وأميرَ حاضرِنا وماضينا.
يَكفيكَ أنَّكَ من عائلةٍ استنشقتْ عَذبَ هواءِ النُّبلِ والرُّجولةِ، وتربَّتْ في أُسرةٍ نموذجيَّةٍ قدَّمتْ لنا كواكبَ فَخرٍ نتغنَّى بهم ليومِ الدِّينِ.
امضِ يا عماه، وأتمنَّى أنْ أراكَ سفيرًا أو وزيرًا تُترجِمُ بعضَ ما عندَكَ في الخدمةِ العامَّةِ، بعدَ أنْ سخَّرتَ من عُمرِكَ 36 عامًا لخدمةِ الوطنِ، ولكنَّني أظنُّ أنَّكَ قادرٌ على العطاءِ أكثر، ففوارسُ الحقِّ أمثالُكَ، بخبراتِهم ومقدراتِهم الفكريَّةِ والعمليَّةِ، قادرونَ على العطاءِ أكثرَ وأكثرَ.
وحتى لا يَخونني التَّعبيرُ، شكرًا لكَ على كلِّ ما قدَّمتَ من أجلي، ولمواقفِكَ الرُّجوليَّةِ والبُطوليَّةِ بجانبي فيما لا يَعلمُهُ الكثيرونَ، فأنتَ تحديدًا، والعمُّ الغالي زياد الشمايلة، رئيسُ ديوانِ أبناءِ الكركِ، لكُما في عُنُقي جَميلٌ لن أنساهُ إلى المماتِ.