يمضي دولة سمير الرفاعي قُدماً في تنفيذ األمر الملكي السامي جهاراً نهاراً
؛ليش ّكل نموذ ًجا فري ًدا ومتمي ًزا ومتق ّدماً لمنظومة اإلصالح السياسي المنشود .
“ترتيب المبعثر” يقصد به ترتيب البيت الداخلي لسلة القوانين والتشريعات
الناظمة للحياة السياسية في األردن ،وفق نص رسالة التكليف الملكي حرفياً.
فمن سلسلة لقاءات دولته المعلنة ، انطلق من بوابات الرسمي إلى الشعبي ،فكان أن
زار الهيئة المستقلة لالنتخاب ورئاسة مجلس النواب وجمعية رجال األعمال
األردنيين ونواب كتلة المستقبل النيابية وممثلي جبهة العمل اإلسالمي وقيادات
حزبية تُمثّل مجموعة أحزاب الوسط وأبناء البادية الجنوبية ،استمع لمقترحاتهم
وأفكارهم عبر الحوارالوطني البنّاء ،وأطلعهم على سير إجراءات عمل اللجنة
الملكية بفروعها الست ،وهذا هو ديدن دولته في العمل الوطني ماضياً وحاضراً
؛إيمانًا منه بأن النّاس هم ساحة العمل وميدانه السليم ،وهذه اللقاءات الحالية تأتي
عطفاً من دولته ع ّما سبقها من لقاءات متنوعة األمكنة واألزمنة واألُطر
والموضوعات والمناسبات ،ففي ميادين الجامعات والمعاهد والكليات والجمعيات
الخيرية والجمعية الدولية والملتقيات الثقافية والعلمية واالجتماعية واألندية الرياضية
والدواوين العشائرية ،ومنذ أكثر من عقد ،كان دولته األقرب إلى نبض الشعب
وتطلعاته وآماله ومستقبله ،وكله آذا ٌن صاغية لمشاكلهم ومصاعبهم وتحدياتهم
وهمومهم ،يُش ّخص ال ّداء من جهة ، ويصف ال ّدواء من جهة أخرى .
ومما يرو ُق ل ّي القول إ ّن الذي يقود اللجنة الملكية شخصية سياسية واقتصادية
واجتماعية واسعة العلم والمعرفة والثقافة من جانب ،ومن جان ٍب آخر ،شخصية
دولته تتسم بالعمق والحكمة والذكاء واإلدارة الناجحة ، وشخصيته تُجيد استراتيجية
القراءة بحصافة للمشهد السياسي األردني وحاجات الناس ومطالبهم وتطلعاتهم م
وآمالهم ورؤاهم وأفكارهم ومقترحاتهم من جهة ثانية ،ودولة الر فاعي يؤمن
بالنظرية البنائية البنيوية في تجويد المنتج السياسي ، وال يلتقي مع النظرية التفكيكية
الهدمية إال من أجل البناء على الهدم فقط من جهٍة ثالثة.
أ ّما ،كيف يُرتّب ال ُمبعثر ،حي ُث كيمياء السؤال وسفر تكّوينه وتش ّكيله ،كل ذلك،
يدفعني إلى الكشف عن أغوار واستكناه أفعال دولته داخل خيمة اللجنة الملكية
وتوصياته المستمرة لجعل قانوني: االنتخاب واألحزاب عصريين حديثين ،والخروج
بقانون أحزاب -على سبيل المثال ال الحصر -جديد يضمن تشكيل األحزاب وفق
برامج يتشارك فيها قطاعي :الشباب والمرأة على حدٍ سواء ،وبكل نشاط وتفاعل
،غير ما كان سابقاً ،من سياقات تمكين المرأة والشباب في المجال الحزبي البرامجي
داعيًا دولته اللجان المختصة إلى التركيز في مناقشاتهم ومحاوراتهم وعصفهم
الذهني العام بمعزل عن رؤاهم ومنطلقاتهم الفكرية الخاصة بهم ،والتحلي بأعلى
درجات الحكمة والمسؤولية واالنضباط والعمل بمسؤولية مهنية وفق نصوص ميثاق
الشرف المتفق عليه ،وهذا طر ٌح جديد لم نعهده في اللجان الوطنية الحوارية السابقة.
ومن توصيات قانوني :االنتخاب واألحزاب عبر لجنته الفرعية ،وباطالع كامل
من دولته وبتوجيهاته السديدة ، رشحت لنّا تفاهمات وتوافقات حول :تخفيض سن
الترشح ،واالهتمام بالقائمة الوطنية الحزبية،بحيث ال تتكرر القائمة الوطنية التي
ظهرت في انتخابات عام ٢٠١٣؛حي ُث حصلت معظم القوائم على مقعد واحد فقط
،والجديد الذي رشح أي ًضا سيشمل القائمة مرشحين من ست محافظات على األقل
،وليست محافظة واحدة ،بحيث يتعّزز العمل الحزبي بين أبناء المحافظات
واألحزاب ،إضافة إلى نسب تمثيل الدوائر االنتخابية والمحافظة عليها ،وليس على
عدد المقاعد ،والحفاظ على مقاعد الدوائر ،ال سيما ،دوائر البادية باتجاهاتها
الجغرافية الثالثة ،والشركس والشيشان ،والمسيحيين ،والكوتا النسائية ،وأن هنالك
توجهات جديدة ،لم تكن في السابق ، ومنها : توجهات بالسماح للمرشح الذي يعمل
بوظيفة حكومية عا ّمة ،بأخذ إجازة بدون راتب من وظيفته الحكومية بدالً من
االستقالة كما كان في قوانين االنتخاب السابقة ،وأيضاً ،توجهات خا ّصة بقانون
االنتخاب العام القادم بالسماح للمسيحيين بالترشح لالنتخابات عن أي دائرة يريدها
ويختارها مع االحتفاظ بالكوتا الخا ّصة بهم .
والجديد أيضاً في ترتيب المبعثر وتجميعه من ل ّدن دولة الرفاعي ،بأن لجنتي
االنتخاب واألحزاب ستجتمع بعد االنتهاء من جولة التوافقات والتفاهمات على
مشروعي هذين القانونين ؛ألنهما برأيه مكمالن لبعضهما البعض.
يا أعدل أهل السياسة واإلصالح ،فإنّه بحق -كما قلت -إن قانون األحزاب يُعّرف
العمل الحزبي ،فيّما يُعّرف االنتخاب المقاعد المخصصة لألحزاب ضمن القائمة
الوطنية الحزبية ؛ألن دولته يرى بعين بصيرة أن المواطن األردني في المرحلة
المقبلة سينتخب فكراً وبرامج ،وليس أشخا ًصا ،وال مفر من برلمان حزبي برامجي.
ومن حقيقة القول إ ّن دولته قادر على ترتيب المبعثر بكل حرفية ومهنية عالية ،وأنه
يُكثّف جهوده لتقديم مشاريع قوانين تنطلق من ثوابت الهوية الوطنية األردنية
الجامعة ،التي تسهم في تحقيق تقدم في تحديث المنظومة السياسية برمتها .
أ ّما من يريد تعطيل مسيرة ترتيب المبعثر وتجميعه على كلمة سواء وسكة المسير
وخرائطه المرسومة من دولة الرفاعي ،أقول لهم :دعوا المقادير تمشي في أعنتها
،ولتُكسر عصيكم في دواليبكم البالية ،و د ْع دولتك ،السواد الذي يغشى ضمائرهم
،و س ّر في نجاحك ،فذاك القي ُل والقا ُل!
إن موقف تيار الشؤم والردة من نجاحك، يُغيضهم ويمقتهم،ويوقف حالهم،
وين ّكس نواميسهم ،ويطأطأ جباهم ،ويقتلهم في الصميم،ومع ذلك تتناغم هذه
المواقف، وتتقاطع ولسان حال “دولتك” مع القول الشعري التالي :
َونَ ْش َر ُب إ ْن َو َر ْدنَا ال َما َء َصفٌ َواً
َويَ ْش َر ُب َغْي ُرنَا َكِدَراً ُو ِطْينا