” دار جدال حول السؤال التالي: هل يمكن أن يبرأ أي نص أو خطاب أو موقف فكري وسياسي من التحيزات الإيديولوجية سواء أكانت معلنة أم مضمرة؟ ثم خلص البعض إلى أن رفض التدخل الإيديولوجي في النص هو موقف إيديولوجي في ذاته! فلا فكاك من الإيديولوجيا وإن ظن الفرد أنه بريء من توجيهاتها. إذ أن محتوى الوعي يتوسّط بين الواقع وتمثيله الفكري وتصوّره الذهني، فيؤول الإنسان الواقع على وفق نظم المعاني المستقرة في وعيه، وهذا بالفعل، أقرب إلى طبيعة الشرط الإنساني.
كما ستبرز الفلسفة الظاهراتية التي سوف تمتد إلى العقل الثقافي المعاصر متأخرا منذ أواخر الثمانينات، باسمها المباشر أو ببعض تجلياتها، ولكنا سوف تتجنب مفهوم الإيديولوجيا بكل التباساته وظلاله السيئة في الاستعمال العام. فليس ثمة وعي زائف وآخر مطابق للواقع الموضوعي المستقل عن الوعي. فادعاء المطابقة وصِفَة الإقصاء والزعم باحتكار الحقيقة المطلقة. وإنما الحقائق نسبية اجتهادية، نقارب بها بقدر المستطاع، وبما هي كذلك فإنها ليست ثابتة ساكنة، والثابت الوحيد فيها تدافعها في مسرح الحياة الاجتماعية، ومن شأن التدافع أن يسهم في التطوير الديناميكي للفكر والوقع معا” .
[الشاهد المشهود: سيرة ومراجعات فكرية: وليد سيف: ص 240 – 241]
الشاهدالمشهودوليد_سيف
قبسات_قرأتها