التخطيط المنهجي لإنشاء الدولة اليهودية في فلسطين، سابق على وعد بلفور ب21 سنة، فقد حدد ثيودور هيرتسل، في كتابه “الدولة اليهودية”، الذي نشره سنة 1896، دواعي بناء تلك الدولة ووسائل إنشائها.
تحدث هرتسل بثقة، قبل وعد بلفور بعقدين، عن دستور الدولة اليهودية ولغتها وحكومتها وقوانينها وجيشها وعلمها !
وأشار في كتابه إلى موقعين لإنشاء الدولة اليهودية على أحدهما، فلسطين و الأرجنتين !
وطرح سؤالا: هل هذا خيال سياسي أم هو واقع قابل للتحقيق ؟!
وبسبب الضعف والتخلف، إلقينا اللوم على وعد بلفور في إنشاء إسرائيل، الذي لم يكن موجودا، حين نشر هرتسل كتابه “الدولة اليهودية”.
كما إن آباء الحركة الصهيونية كانوا سيبنون الدولة اليهودية، لو أن وعد بلفور لم يكن مقطوعا لهم.
كتب هرتسل: “إن اليهود الذين يريدون الدولة اليهودية، ستكون لهم، وسوف يستحقونها”. فل ستوب.
وبيت القصيد في ميكانزمات حصان طروادة، الذي حمل الحلم الصهيوني، يتلخص فيما خطّه هرتسل في كتابه “الدولة اليهودية” المكون من 64 صفحة فقط:
(ليس هناك قِوىً تستطيع نقلَ أمة من بيئة لتستوطن بيئة أخرى، الفكرةُ وحدُها هي التي تستطيع ذلك، تلك هي فكرة الدولة اليهودية التي تحمل في طياتها القوة اللازمة لأن تفعل ذلك).
ومما يدعو إلى الدهشة، أن اليهود، الذين حصلوا ويحصلون من الغرب على كل ما يحتاجونه من دعم، سياسي، وعسكري، واقتصادي، ومالي، يحتقرون أهل الغرب وأهل الشرق و كل بني البشر !
وتعترف غولدا مائير ولا تُخفي، ان طبيعة اليهود هي الانزواء والتعصب والانفصال عن مجتمعاتهم حين تقول: “أنا لا أختلط إلاّ باليهود. ولم يكن لي صداقات مع غير اليهود. وبقيت على هذا النحو طيلة عمري”.
وتقول لا اعتقد أن ديفيد بن غوريون كان قريبا لأحد، فيما خلا زوجته باولا وابنته ريناتا. وتصف الزعيم العمالي الأبرز، بيرل نلسون، بأنه كان يكره الاختلاط بالآخرين. وتكشف أن والدتها، التي لا تعرف حرفا من الإنجليزية، فتحت متجرا بعد أسبوع من وصولها إلى ميلووكي الأمريكية، لأنها متأكدة أن يهود الحي لن يشتروا إلا منها.
لم يبقَ إلا ان نرجم بلفور، فننفس ونتنفس الصعداء.