كتب أ.د. محمد الفرجات
تواجه السياحة في الأردن، على الرغم من جاذبية منتجاتها وجودة خدماتها، تحديات كبيرة تعود لعوامل إقليمية خارجية، مثل النزاعات في الدول المجاورة (العراق، سوريا، لبنان، غزة) وتهديدات الإرهاب. ومع أن الأردن يتمتع بأمان واستقرار داخلي استثنائي، إلا أن تداعيات هذه الأزمات غالبًا ما تؤثر على تدفق السياح، مما يجعل من الضروري تطوير استراتيجية تعتمد على تحليل الفجوة (GAP Analysis) للفترة من 2025 إلى 2030 لتوجيه صناعة السياحة.
أهمية استراتيجية 2025-2030 بناءً على تحليل الفجوة (GAP Analysis)
تعتمد أهمية وضع هذه الاستراتيجية على تحديد أسباب عزوف السياح، حيث يكشف تحليل الفجوة (GAP Analysis) الفروقات بين التوقعات السياحية والأداء الفعلي في ظل الأزمات الإقليمية. فعند اندلاع النزاعات في الجوار، يتجنب السياح القدوم للمنطقة رغم الاستقرار الأردني، مما يستدعي استراتيجيات ترويجية تركز على فصل صورة الأردن عن محيطه المتوتر.
الخطوات المقترحة في الاستراتيجية
- إعادة توجيه حملات الترويج الدولية:
تركز هذه الحملات على إبراز استقرار الأردن وأمانه في وسط منطقة مليئة بالأزمات. وهذا يشمل الشراكة مع وكالات السياحة العالمية للترويج للوجهات السياحية الأردنية كالبتراء، وادي رم، والبحر الميت، وإعادة التأكيد على أمان التجربة السياحية.
تبني صورة جديدة للأردن كملاذ آمن ومستقر للسياحة، وتقديم عروض خاصة للأسواق الأوروبية والآسيوية التي تركز على السياحة الثقافية والدينية.
- تحليل التكاليف والعوائد لإنفاق خمسة ملايين دينار:
يُعد تخصيص ميزانية محددة بمبلغ خمسة ملايين دينار ضروريًا لتنفيذ هذه الاستراتيجية. وينبغي أن يشمل تحليل التكاليف والعوائد فهم كيفية استثمار هذه الميزانية لزيادة عدد السياح وتعزيز الإيرادات السياحية بشكل مستدام. مثلاً، توجيه جزء من التمويل إلى تعزيز الحضور الرقمي الأردني على منصات السفر العالمية لزيادة وعي السياح بالوجهات الأردنية.
استثمار هذه المبالغ في تطوير البنية التحتية والخدمات السياحية، خاصة في المواقع ذات الإقبال العالمي، مما سيزيد من رضا الزوار ويشجع على تكرار زيارتهم.
- تطوير قطاع السياحة المستدامة:
يُقترح التركيز على السياحة البيئية والمستدامة، كالترويج للمسارات البيئية والأنشطة المرتبطة بالطبيعة، لتقديم تجربة سياحية متجددة تلبي اهتمامات السياح. هذا من شأنه تقليل التأثير السلبي للأزمات الإقليمية على القطاع السياحي، حيث أن السياحة البيئية تستهدف شرائح محددة من السياح أكثر اهتمامًا بالاستدامة البيئية.
- تعزيز السياحة المحلية والإقليمية:
بناء شراكات مع دول الخليج العربي لتعزيز السياحة الإقليمية، حيث يميل الزوار من دول الخليج إلى زيارة الأردن في العطل القصيرة. استهداف هذه الأسواق يشكل فرصة لتعويض الخسائر الناجمة عن انخفاض السياحة الدولية في أوقات الأزمات.
- تحسين جودة المنتجات والخدمات السياحية:
رفع معايير الجودة وتقديم تجارب سياحية مميزة، كتجربة المأكولات التقليدية الأردنية، والإقامة في المخيمات الفاخرة في وادي رم، وتقديم برامج سياحية متكاملة تشمل المواقع الأثرية والترفيهية. العمل على تحديث وتطوير الخدمات السياحية من شأنه تعزيز السمعة السياحية للأردن وتحفيز السياح على الزيارة.
العوائد المتوقعة من تطبيق الاستراتيجية
إذا طُبقت الاستراتيجية بشكل فعّال، فإن الأردن سيشهد زيادة في أعداد السياح والإيرادات السياحية بشكل مستدام، مما يعزز من اقتصاده الوطني ويعزز مكانته كوجهة سياحية مستقرة. كما ستسهم هذه الجهود في تحسين صورة الأردن عالميًا كبلد آمن وسياحي على الرغم من الصراعات الإقليمية.
ختامًا، يظل تطوير استراتيجية مدروسة وشاملة ضرورة ملحة لصناعة السياحة في الأردن للفترة من 2025 إلى 2030، لضمان استدامة القطاع وقدرته على التكيف مع المتغيرات الإقليمية والدولية.
اترك تعليقاً