تابعت باهتمام وتمعن الحوار والنقاش السياسي الديمقراطي ولا أقول الجدال أو السجال الذي أطربنا بين الدكتور طلال الشرفات وقيس زيادين حول رؤى كل منهما بخصوص توجهاتهم السياسية والحزبية ما بين الدعوه إلى تيار المحافظين ، والحفاظ على الهوية الوطنية ، وما بين الدعوه إلى المدنية إستنادا إلى الدستور والتشريعات الناظمة للحياة السياسية ، ولم أرى أي خلاف موضوعي بينهما، وإنما رأيت اختلاف في وجهات النظر وآليات العمل، فالطرفان متفقان على أن الوطن والملك والجيش ثوابت لا خلاف عليهما ، والطرفين مكملان لبعضهما ويثريان الحياة السياسية الحزبية بطروحاتهم، فالوطن فضاؤه الفكري يتسع لجميع الطروحات ، والهوية الوطنية جامعة لا مفرقة ، ونحن بحاجة لمثل هذه الحوارات والطروحات الخلافية ، لأنه من الجدل ينبثق النور، والأصل في الأوطان الديمقراطية أنها تقف على ساقين ، ساق الموالاة ، وساق المعارضة ، فإذا فقدت أحد الساقين أو انتفت أصبحت الديمقراطية عرجاء ، فلا اتخيل الأردن بدون حزب جبهة العمل الإسلامي ، لأننا سنكون أمام لون واحد من الفكر الحزبي والسياسي ، وهو الفكر الوسطي ، لأن التنوع السياسي يخلق نوعا من المنافسة، ويضفي نكهة سياسية ممتعة على الحياة الديمقراطية ، وخلاف ذلك لن يذهب أحد إلى صناديق الاقتراع ، لأن الجمهور حينها لن يهمه من ينجح ما دام اللون والطيف السياسي واحد،والأصل أن الجميع نكن بالإنتماء للوطن وبالولاء للقيادة الهاشمية ، ونجمع بالحفاظ على الهوية الوطنية الجامعة ، وتقاليدنا الأردنية ، وتراثنا الأصيل ، وأن أمن الوطن والحفاظ على استقراره، والنظام الهاشمي خطوط حمراء لا يحق لأحد تجاوزها، والباقي تفاصيل نتفق عليها، وظني أن جميع الأردنيين متفقون على هذه الثوابت، والدليل أن الأردن عبر المئوية الأولى ، بثبات وثقة، وحقق فيها إنجازات لا توصف، فاقت التوقعات والمألوف، ودخلنا الآن المئوية الثانية لنحقق المزيد من الإنجازات للنهوض بالوطن، وقد بدأنا بتوجيهات ملكية سامية بالمنظومات التحديثية الثلاث ، ومن يغرد خارج السرب فهو مرفوض جملة وتفصيلا ، فكما هو معلوم أن الديمقراطية تقوم على ثلاثة أركان ، البرلمان والأحزاب السياسية ، ومؤسسات المجتمع المدني ، وهذه المؤسسات الثلاث هي روافع الديمقراطية ، وركائز إنجاحها، فلا يحق لأحد احتكار الحقيقة ، والمزاودة على الآخرين بالمواطنة الصالحة ، فالتيار المحافظ والتيار المدني ، وبينهم التيار الإسلامي كلها مسميات تحمل في طياتها حب الوطن والسعي للنهوض به، وتعمل تحت الراية الهاشمية ، مظلتها القانونية الدستور والتشريعات الأردنية، لكن يبقى التغيير والتطور والحداثة سنة الحياة لتواكب الآخرين ، لكن مع الحفاظ على الأصالة والتراث والتاريخ والهوية الثقافية والوطنية ، وختاماً كل الإحترام للشرفات وزيادين على هذا الحوار الممتع ، والنقاش الوطني المثري والمعبر ، وللحديث بقية.
اترك تعليقاً