عشر دقائق مفصلية في المرحلة بشكل عام، عشر دقائق طرح خلالها جلالة الملك عبد الله الثاني كافة قضايا المرحلة داخليا وخارجيا بتفاصيل هامة، وحساسة، ووضع النقاط على حروف وكلمات أرادها كثيرون أن تبقى «خرساء» لا معاني لها، ليحسمها جلالته بقول واضح حقيقي وعملي، لجهة المصلحة الأردنية والتأكيد على ثوابت الوطن تحديدا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، والحرب على أهلنا في غزة.شكّل خطاب العرش الذي ألقاه جلالة الملك أمس في افتتاح الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة العشرين، علامة فارقة في أحداث المرحلة بالشأنين الداخلي والخارجي، هذا الخطاب الذي استمر قرابة العشر دقائق، وقطعه تصفيق الحاضرين (14) مرة، تضمن الصغير والكبير من أحداث المرحلة، بتأكيد من جلالته على مسلّمات أردنية تتعلق بضرورة الاستمرار في مسيرة التحديث والإصلاح، وما هو متعلق بالموقف من الحرب على غزة وضرورة وقفها على الفور، والرسالة الهامة والقوية بذات الوقت على الهوية الأردنية، بقول جلالته «نحن دولة راسخة الهوية، لا تغامر في مستقبلها وتحافظ على إرثها الهاشمي وانتمائها العربي والإنساني، فمستقبل الأردن لن يكون خاضعا لسياسات لا تلبي مصالحه أو تخرج عن مبادئه»، إجابة ورد وحسم واضح تغيب عنه الضبابية بشكل مطلق، وحسم لجهة الوضوح بأعلى درجاته.قد يرى البعض في الحديث عن موضوع الهوية الراسخة أمرا عابرا، وفي حقيقة الأمر هو في هذا التأكيد الملكي رسالة عميقة وقوية، وإجابة لتساؤلات كثيرة، ناهيك عن إغلاق الباب تماما أمام أي أصوات تتحدث عن ملفات تطال الهوية الأردنية الراسخة، القوية، فالأردن دولة لا تغامر بمستقبلها كما لن يخضع لأي سياسات لا تلبي وبعيدة عن مصالحنا الوطنية وتبعده عن مبادئنا، نهج عمل متكامل أردني حاسم، لجهة المصالح الوطنية فقط، فالأردن أولا ومصالحه أولا وهويته أولا.وفي إطار رسائل جلالته الهامة خلال خطاب العرش، ما تحدث به جلالته عن السلام لإعادة التأكيد أن السلام العادل هو السبيل الوحيد لرفع الظلم التاريخي عن الأشقاء الفلسطينيين، كما أعاد جلالته التأكيد على أن الأردن سيبقى متمسكا بالسلام فبه تعود كامل الحقوق لأصحابها ويمنح الأمن للجميع، رغم كل العقبات وتطرف الذين لا يؤمنون بالسلام، بتأكيد ملكي بالدفاع عن القدس ومقدساتها والحفاظ عليها، استنادا إلى الوصاية الهاشمية، التي نؤديها بشرف وأمانة، وستبقى القدس العروبة أولوية أردنية هاشمية، قول يحمل من الفعل أضعاف ما يحمل من معان، قول يتضمن عظيم الأفعال والحسم والرسائل.وفي الشأن الداخلي، حدد جلالته رؤى واضحة لغد العمل النيابي، ففيما هنأ جلالته المجلس (20)، الذي يشكل «بداية لتطبيق مشروع التحديث السياسي، في مسار يعزز دور الأحزاب البرامجية، ومشاركة المرأة والشباب» قال جلالته إن «هذا يتطلب أداء نيابيا وعملا جماعيا، وتعاونا وثيقا بين الحكومة والبرلمان، على أساس الدستور»، فالقادم واضح ينفذه البرلمان والحكومة على أساس الدستور، متحدثا جلالته أن هناك مسؤولية كبيرة أمام المجلس بهذا الشأن، لتكون صورة القادم جليّة تتطلب جهودا للتنفيذ.وتناول جلالته في خطابه الهام، الاهتمام بالمرأة والشباب، وتوفير حياة كريمة وتمكين الشباب وإعدادهم لوظائف المستقبل، والمضي بالتحديث الاقتصادي والإسراع في تحديث القطاع العام، «وصولا إلى إدارة عامة كفؤة وقادرة على تقديم الخدمات النوعية للمواطنين بعدالة ونزاهة. وهذا نهج يجب أن يلتزم به كل مسؤول وموظف»، وهذا جانب هام يجب أن يكون أولوية حكومية وبرلمانية، ففي قول جلالته نهج عمل متكامل يحدد الأولويات بوضوح وعملية، ما يجعل من بدء التنفيذ ضرورة برلمانية يجب التقاطها.وفي رسالة أوقفت الحضور لأكثر من دقيقة رافقها تصفيق حاد، عندما وجه جلالة الملك تحية لنشامى الجيش العربي، متناولا جلالته الجهود العظيمة التي يقوم بها نشامى المستشفى الميداني في غزة، واصفا جهودهم «بالجبارة»، وقال جلالته «هؤلاء هم أبناؤكم وبناتكم، أدوا التحية للعلم ولبوا الواجب بكل شرف، وسيبقى جيشنا العربي وأجهزتنا الأمنية مصدر فخر واعتزاز لوطنهم وأمتهم. أنتم على العهد النشامى، النشامى»، نقف جميعا أمام عظيم قولك يا سيدي للنشامى النشامى، نباهي الدنيا بهم، وفي تحيتك لهم يا سيدي ألف رسالة تجعلنا نرى فيهم مصدر اعتزاز عظيم
اترك تعليقاً