مع اعلان الحكومة مؤخرا عن وجود دراسات تشير لوجود «كميات تجارية» من الغاز الطبيعي واكدها الوزير بالامس، حتى بدأ البعض يذهب باتجاه «احلام البقظة» وهم لا يعلمون ان كل ما يعلن ولغاية الان لم يتخط حاجز الدراسات فقط، فالطريق طويل ولربما مليئا بالمفاجآت، فلماذا علينا ان نتفاءل بحذر ؟.
بالامس كنت جالسا مع «احد الاصدقاء» عند اعلان وزير الطاقة بمؤتمر صحفي عن نتائج الدراسات الاولية لعمليات استكشاف الغاز، فشرد صديقي قليلا ثم سألني يعني راح نركب لاند كروز ونصيف في لندن ونسدد ديونا ونودع الفقر وادرس اولادي في الخارج، وهنا انا لا ابالغ اذا قلت لكم ان هذا الصديق كان يتحدث بجدية وهو يناقشني باحلام اليقظة التي بدأ يتخيلها منذ الاعلان.
بهذا المقال ولكي لا يحلم البعض بـ«احلام اليقظة» كما حدث مع صديقي فلابد من توضيح عدد من الامور التي اولها ان اي عملية استخراج لاي معدن او طاقة مستكشفة تحتاج لما يقارب «8 سنوات» على اقل تقدير اي ان موعد الوصول الى مرحلة تلك الاحلام ما زال مبكرا، وكما ان لا احد يعلم ما قد تواجهه فرق التنقيب من مفاجآت لربما قد تكون سلبية ولا تبلي الطموحات ولا الجدوى الاقتصادية المطلوبة.
وزارة الطاقة كانت واضحة منذ البداية ولم تتخط حاجز ما تقوله الدراسات والتوقعات، ولم تجزم حتى هذه اللحظة باي وقائع،فعمليات الاستكشاف والتأكد من وجود الغاز او النفط تحتاج لعمليات حفر و”اعادة تأهيل» تحتاج لسنوات واستثمارات بالمليارات، ما يعني ان استباق النتائج العملية فيه نوع من التضليل و الارباك لعمل الوزارة والكوادر التي تسعى ليلا ونهارا وراء هذا الحلم.
وزير الطاقة قال ان «حجم الاحتياطي» من «الغاز الطبيعي» و بحسب الدراسات الاخيرة يقدر بـ 11.990 ترليون قدم مكعب بالمتوسط، بمعامل استخراج نسبته 39% (أي ان الكمية المتوقع استخراجها تبلغ 4.675 ترليون قدم مكعب) ولكن لم يقل ان استخراجه سيكون غدا او نهاية العام او حتى العام المقبل ولم يجزم بعد ما مدى تطابق هذه الكميات مع الجدوى الاقتصادية.
الخطة التي وضعتها الوزارة بالتعاون مع البترول الوطنية واضحة لتطوير حقل الريشة وتستهدف حفر 70 بئراً للسنوات 2024-2029 منها 26 بئراً تطويرية لإنتاج 150 مليون قدم مكعب في اليوم الواحد في عام 2029، بدلاً من 45 مليون قدم مكعب.
خلاصة القول، التفاؤل المفرط بوجود الغاز بكميات تجارية لازال مبكرا لاسباب اهمها ان «مدة استخراجه» تحتاج الى عدة سنوات قد يخلق الله فيها ما لا تعلمون سواء على اسعارها او مدى الحاجة العالمية لها بضوء التطور المتسارع للطاقة البديلة والهيدروجين الاخضر والمصادر البديلة الاخرى لهذا لا داعي لاحلام اليقظة حاليا فقد لا نصبح اغنياء في يوم وليلة. ــ الراي
اترك تعليقاً