كتب الزميل ماهر أبو طير في مقاله الأخير تحت عنوان ” كلام عن أخطر تيارين في الأردن”، ووضع الزميل المحترم تيارا يحسب ويتحسب بواقعية سياسية له مريدوه في كفة “خطورة” واحدة مع تيار أيضا له مريدوه لكنه لا يحسب ولا يتحسب.
من وجهة نظري علينا تحديد مفهوم “الخطورة” أولا. والخطورة هنا على الدولة كمعيار أساسي للقياس، فالدولة هي التي يجب أن تكون لها وعليها ومنها وفيها الحسابات الدقيقة في وضع راهن حساس ودقيق جدا.
العلاقة مع المحيط الإقليمي لها حساباتها، وكذلك العلاقة مع الحلفاء ومراكز القوة الدولية، وهذا يتطلب حصافة شديدة في الحسابات والمشي بحذر على حبل مشدود مع ضرورة حضور رؤية واضحة للدولة في مواجهة كل ما يمكن تصور طرحه على الطاولة خصوصا مع قدوم إدارة ترامب وطاقمه “العجيب” الذي يتطلب دراسته بعمق، والبحث عن مداخل التأثير عليه وكذلك البحث عن مخارج آمنة في التأثر منه.
هناك ما يتم الإعداد له في الإقليم وفي العالم ضمن حروب متشابكة ومن نوع جديد في التاريخ الإنساني، هناك تحولات دولية عميقة هي امتداد للتغيرات العديدة في المعرفة والتكنولوجيا والتجارة العالمية والاقتصاد الذي بدأ يبحث عن صياغات جديدة تتناسب والعالم النوعي الجديد.
قوة الأردن في جغرافيته السياسية، التي يمكن أن تكون نقطة ضعفه في حال لم يكن هناك تصور واضح في إدارة وتوظيف واستثمار تلك الجغرافيا في كل ما هو قادم، وهو قادم.
الدخول في منزلق الحديث عن “انتصارات لنا وهزائم للعدو” حديث مبكر جدا، فالأمور بخواتيمها وما نراه الآن ليس أكثر من دمار منتشر وما يزال، وبنى تحتية تم تسويتها بالأرض، وتغييرات تحدث في الديموغرافيا البشرية وتجهيز لتحريك كتل بشرية ضخمة من أمكنة إلى أمكنة مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذا كله له آثاره المباشرة في شكل الدول وحدودها القابلة للتغيير حسب المصلحة، والمصلحة هنا لمن يملك العرض الأقوى وليس عرض الأقوى وحسب.
أردنيا، لا يمكن وضع تصور واضح ومتماسك بدون ترسيخ فكرة التكامل الإقليمي مع القوى المجاورة، وهذا يتطلب تجاوز “بحث سبل التعاون الثنائي بين البلدين” الحاضرة في نشرات الأخبار إلى تفصيل سبل التعاون فعلا ووضعها على أرض الواقع ضمن أسس المصالح المتبادلة.
نتحدث هنا عن قطاعات واسعة نحن في الأردن بحاجة أصلا إلى إصلاحها وتطويرها وبلا تردد، مثل قطاعات التعليم، والتعدين، والصحة، والسياحة بالإضافة إلى ترشيق القطاع العام وتجويده وهذا يتطلب بالضرورة الموازية إعادة تأهيل القطاع الخاص والأعمال بما يسمح له أن يكون موثوقا وواثقا بنفس الوقت.
كل ما سبق ذكره، يتطلب إدارة في كل المستويات والصفوف قادرة على استيعاب كل شيء وكل في مكانه بدون خلط وتجاوزات في الصلاحيات.
نحن بحاجة إلى حوار وطني مفتوح وبلا سقوف، مؤطر بمفهوم الدولة والدستور والعرش.
أما الخطورة، فهي كل ما يكمن خارج ذلك الإطار.
اترك تعليقاً