كتب : محمد حسن التل.
أما آن لهؤلاء القتلة أن يرتوا من دماء الناس في فلسطين ولبنان؟
أما آن لهذا الارهابي أن يتوقف عن مذبحته في غزة؟ أما آن للذين معه من عتاولة الإرهاب أن يشبعوا من لحم أطفال غزة؟
يتحدثون عن محرقة “الهولوكوست” ويتاجرون بمظلوميتها على العالم، ويبتزونه بها، وهم يرتكبون في فلسطين كل يوم منذ قرن عشرات الهولوكوست وأبشع منها.
عام وأكثر وأهل غزة يستغيثون بالعالم كله لإيقاف المذبحة ولا زال في هذا العالم من يدعي زورًا أن إسرائيل تدافع عن نفسها،
أي أصحاب ضمائر هؤلاء وكيف يفكرون وكيف يقلبون الأمر ويفسرونه؟
أمام من تدافع إسرائيل بآلة حربها الوحشية عن نفسها؟… أمام أطفال غزة، والضفة الغربية ، ونسائها وشيوخها وتدافع عن نفسها بتدمير البيوت على ساكنيها؟.
قام العالم ولم يقعد على عدد من الأسرى في غزة وتناسى عشرات الآلاف من الفلسطينيين الذين يعانون الويلات في معتقلات الغاصب، تجويعًا وتعذيبًا منذ عشرات السنيين، وتناسى منذ سنوات طويلة آلاف القتلى الشهداء الذين قتلوا ظلمًا ويتناسى الحصار على أطفال غزة لا طعام ولا شراب، ولو استطاع الصهاينة لمنعوا الهواء عنهم.
هذه حضارة العالم التي يتغنى أصحابها بمبادئها عدالة وحرية ومساواة، وحقوق إنسان للجميع إلا على فلسطين، فهذه المبادئ ممنوعة على أهلها،
أما آن لهذا الصوت الخجول الخافت في العالم الذي ينادي بإيقاف المذبحة أن يعلو ويشكل رادعًا لأبطالها؟ إسرائيل تعربد في العالم طولًا وعرضًا ولا تجد من يوقفها أو يردعها، والكثيرون يصفقون لها ويدعمونها تحت شعارات ظالمة وزائفة بعضها خوفًا وبعضها كرهًا من منطلقات عقائدية بغيضة.
لقد تنوعت اسباب هزيمتنا أمام الصهاينة وتشعبت وسقطت أسباب النصر لاننا لم نأخذ بزمامها ولذنا خلف اسوار الهزيمة
وإستطاع الصهاينة تعظيم أسباب نصرهم على مساحة الصراع على كل الجبهات وسخروا كل الأسباب لترسيخ هزيمتنا أمامهم وسخروا كل الامكانات والوسائل العسكرية والثقافية والاقتصادية وسيطروا على مراكز القرار في عواصم القرار في العالم، حين سيطروا على المال والإعلام وبالتالي تحكموا في السياسة، في الوقت الذي لم تستطع أمتنا الاستفادة من ثرواتها الضخمة بين يديها وفي تلك العواصم ، إضافة إلى ملايين المسلمين والعرب هناك، وهم أضعاف الصهاينة لكنهم لم يستطيعوا أن يشكلوا عامل ضغط في أي وقت على مؤسسات القرار بسبب الفرقة واختلاف الغايات وتعدد الأهداف، كل هذا انعكس قوة للوبي الصهيوني المتعصب والمتسلط على عواصم الغرب حتى بات معظم السياسيين هناك أصحاب الحل والربط يفكرون ألف مرة قبل أن ينطقوا ولو بكلمة إزاء الصراع في فلسطين لغير صالح إسرائيل، وهذا عامل رئيسي من عوامل هزيمة العرب في الصراع على المستوى السياسي..
علينا أن لا نلوم من يقف إلى جانب إسرائيل في الغرب.. فلم يجدوا إلا الصهاينة أمامهم يسمعون منهم ويتحكمون ويتأثروا بروايتهم ولم يشعروا يومًا أن العرب بإمكانهم أن يؤثروا ولو بالقليل على من يقف إلى جانب إسرائيل ويتجاهل الحق الفلسطيني لأنهم لم يفكروا يومًا باستغلال قدراتهم لصالح مصالحهم القومية وهذا حال كل المسلمين هناك.
يتباهى العرب والمسلمون بأنهم يعدون بالملايين في الولايات المتحدة، وأنهم يشكلون قوة تصويتية ضخمة في الانتخابات، وأنهم أصحاب ثروات ضخمة، ولكنهم للأسف كما أشرت متفرقين لا يجمعون على هدف واحد وليس لهم عنوان واحد يقفون تحته ويعملون من خلاله، لذلك فقدوا تأثيرهم على قرار الساسة الأمريكيين ، سواء في الإدارة أو في الكونغرس، وقس على ذلك في كل الدول الغربية ذات القرار المؤثر في السياسة الدولية ومواقفها
ولو اجتمع العرب على كلمة سواء في داخل وطنهم وتبع ذلك وحدتهم في مساحات تواجدهم على مستوى جغرافيا العالم لكان الواقع على غير ذلك، ولكن تخلى أرباب القومية أصحاب دعوات الوحدة عن دعواتهم إلا القلة ممن رحم ربي، وهم غير مؤثرين وتحكمت القطرية في العرب وأغلق كل منهم بابه على نفسه، وحاله يقول اللهم نفسي وكذلك أصحاب شعار وحدة المسلمين من يعتبرون أنفسهم دعاة تخلوا عن تربية مجتمعات الأمة والعمل على وحدتها وتحفيزها وحشدها وفارقوا التربية إلى السياسة وصراعاتها ولم يعد أحد يريد أن يسمع عن فلسطين، بل وكل القضايا العربية وكأننا نقول للشعب المذبوح هناك اذهبوا أنتم وربكم فقاتلوا إننا هنا قاعدون.
والحال ليس أفضل على مستوى المسلمين، بل ربما يكون أكثر قتامة، فكثير من دول العالم الإسلامي تجاوزت قضية فلسطين منذ عقود وتجاوزت عقدة الانفتاح على إسرائيل وأقامت معها أوسع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية، الأمر الذي استغلته إسرائيل بكل إمكانياتها، حتى كادت تملك قرار الشرق الأوسط كله، ووصل الأمر أن الكثيرين أصبحوا يطلبون ودها وحمايتها.
لقد بدأ التخلي عن فلسطين عندما نزعت عنها صفة الإسلامية، ثم صفة القضية العربية، ثم جاءت الطامة الكبرى في عام 1974 في قمة الرباط عندما جعلت منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وباتت فلسطين أرض متنازع عليها، بدل أن كانت جزءا من المملكة الأردنية الهاشمية، محتلة من قبل الغير بالقوة وضد القانون الدولي، وكان هذا القرار مؤامرة دبرت بليل، وظن الفلسطينيون أن القرار جاء لصالحهم وكان البعض منهم نتيجة قصر نظره لديه عقدة من الاردن يريد التخلص منها، فجاء الأمر وباء عليهم وعلى الشعب الفلسطيني وعلى القضية برمتها، دفع الفلسطينيون ثمن هذه الخطوة غاليًا ولا يزالون خصوصا حين تحولت منظمة التحرير الى عنوان فقط وتركت الساحة لصراعات الفصائل..
إن الذين كانوا يطالبون ويعملون على سلخ القضية عن عباءة أمتها، ترى بماذا كانوا يفكرون؟
لقد انقسم هؤلاء إلى فريقين، فريق كان جزءا من المؤامرة على هذه القضية، وكان جزءا من مخطط دولي يريد رأس القضية، ويرغب بالتخلص من عبئها، وفريق آخر كان لديه عقدة الزعامة ووهم الدولة ففعل ما فعل، فكانت هذه النتيجة التي يدفع الفلسطينيون الآن ثمنها دمًا من أبنائهم وحياتهم وضياعا في متاهات مستقبل مجهول تتقاذفه مشاريع سياسية كلها لا تحقق للشعب الفلسطيني أقل حقوقه!!
إن أهم ما ينقصنا بصراعنا القائم مع الصهيونية هو انعدام تقييمنا الحقيقي لمراحل هذا الصراع والفرز بين عوامل النصر والهزيمة، فلو راجع أصحاب القرار مسيرة القضية وعدلوا مسارها على قاعدة عوامل النصر والهزيمة لتغير مسارها ولأصبح بالإمكان إعادة التوازن للمعركة، ولكن لم تتوفر حتى هذا الزمن عند الكثيرين النية الصادقة، لذلك ستظل دوامة الصراع تعصف بنا وكل يوم تميل كفته لصالح الصهاينة الذين يمضون بمشروعهم بكل حذافيره غير عابهين بقانون دولي أو إنساني.
اترك تعليقاً