تسعى الصين وروسيا لاستعادة نفوذهما ومكانتهما على الساحة الدولية، ولدى مؤسسات صنع القرار الاممية، بعد هزيمتهما مع نهاية الحرب الباردة عام 1990، بهزيمة الشيوعية والاشتراكية والاتحاد السوفيتي، ونتيجتها أن فرضت الولايات المتحدة تفردها بالتعاون مع المجموعة الأوروبية في إدارة السياسات الدولية، منذ ذلك الوقت إلى الآن.الصين من جهتها لا تسعى لاستعادة مكانتها عبر الصدامات والحروب، بل تعمل عبر التنافس الاقتصادي، ومع ذلك اعتبر الرئيس الأميركي بايدن في خطاباته المتكررة أن الصين هي العدو الأول للولايات المتحدة.روسيا وقعت عليها الهزيمة أشد وطأة وقسوة وتراجعاً، ولكن لامتلاكها مصادر القوة المحلية عسكرياً واقتصادياً وثروات طبيعية، انتقلت من نظام الحزب الواحد، إلى التعددية، باتت أقرب نحو استعادة مكانتها، رغم تورطها في الصدام مع نظام الرئيس فولوديمير زيلينسكي في أوكرانيا، بعد أن وجه لطمة سياسية إلى روسيا بإلغاء نظام الحكم الذاتي لولاياتها ومناطقها الشرقية ذات الأغلبية الروسية، وإلغاء امتيازاتهم القومية، مما استفز روسيا التي اندفعت نحو التورط بالاجتياح، ودفعت الولايات المتحدة لتقديم كل الدعم العسكري والمالي والسياسي لاوكرانيا، في مواجهة روسيا والعمل على استنزافها، حيث لا تستطيع أوكرانيا هزيمة روسيا، ولكنها تعمل بقرار ودعم أميركي أوروبي على مواصلة العمل على إضعافها، وهو ما تسعى له الولايات المتحدة لتبقى منفردة في هيمنتها وتفردها كقوة عظمى أمام العالم.لهذه الأسباب، التي تُفسر سبب إحجام واشنطن عن توسيع الحرب في فلسطين ولبنان وسوريا، نحو التصادم الإسرائيلي الإيراني، و تعمل على الايقاع بينهما، حتى لا تعطي روسيا مبرراً في تقديم الدعم المباشر إلى إيران، كما تفعل الولايات المتحدة مع اوكرانيا، لأن المعادلة في حال الصدام المباشر الإسرائيلي الإيراني، والأميركي الإيراني، ستتحول من مواصلة التورط الروسي مع اوكرانيا بدعم أميركي، إلى تورط أميركي ضد إيران بدعم من قبل روسيا، وهذا ما لا تريده الولايات المتحدة ولا تسعى له، ومن هنا فهي تضبط محاولات المستعمرة الإسرائيلية في التورط للصدام المباشر مع إيران.الولايات المتحدة تدعم بقوة من خلال توفير كل مستلزمات القدرة الإسرائيلية لتدمير فلسطين ولبنان وسوريا، والقوى السياسية التصادمية المدعومة من إيران: حركة حماس، حزب الله، أنصار الله الحوثيين، فصائل الحشد الشعبي العراقية، كي تبقى المستعمرة مهيمنة متسلطة توسعية على حساب فلسطين وكل الأطراف العربية المؤيدة لها.بالمعايير السائدة، سيزداد الوضع السياسي والعملي باتجاه الأكثر سوءاً مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، الذي سبق له وقدم للمستعمرة خدمات كبيرة: 1- الاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة للمستعمرة، 2- نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، 3-الاعتراف بضم الجولان السوري إلى خارطة المستعمرة، 4- حجب الدعم المالي للأونروا وما يحمله ذلك من تبعات إنهاء خدماتها للاجئين الفلسطينيين الذين يمثلون نصف الشعب الفلسطيني، بهدف تصفية الأونروا، على طريق تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين وعدم عودتهم إلى بلدهم ومدنهم وقراهم وفق القرار الأممي 194، بعد طردهم عام 1948، من قبل المستعمرة الإسرائيلية، 5- فرض التطبيع الإسرائيلي مع البلدان العربية.مرحلة ترامب بسنواتها الأربعة المقبلة لغاية سنة 2028، ستكون أكثر سواداً وسوءاً وانحداراً في منطقتنا لصالح المستعمرة، فماذا نحن فاعلون لمواجهة هذا الانحدار، ومواجهة التغول الإسرائيلي الأميركي على عالمنا العربي؟؟
اترك تعليقاً