المحامي مهند النعيمات
خبير بالقانون الدولي
دولة الاخ سمير الرفاعي الذي قاد مشروع تحديث المشهد السياسي وأطلق فكرة الوصول إلى مجلس نواب حزبي يخرج الآن لينتقد التجربة الحزبية التي كان أحد أبرز مهندسيها وعرابها هذا التناقض يثير تساؤلات حقيقية: هل المشكلة فعلاً في الأحزاب أم في الأسس التي وُضعت لضمان نجاح التجربة؟
الإشارة إلى أن الأردنيين يؤمنون بفكرة الأحزاب لكنهم لا يثقون في الأحزاب القائمة تُظهر فجوة عميقة بين طموحات المشروع وتنفيذه. إذا كانت لجنة التحديث السياسي تدرك هذه المشكلة فلماذا لم تقدم نموذجاً حزبياً قادراً على استقطاب الشارع؟
الرفاعي أشار إلى أن حوالي 260 ألف ناخب لم يمنحوا أصواتهم للأحزاب بل لجأوا إلى إسقاط أوراق بيضاء. هذا الرقم يعكس حالة إحباط كبيرة ولكن هل السبب في الأحزاب وحدها أم أن القوانين التي أشرفت عليها لجنة التحديث السياسي لم تقدم بيئة تشجع على بناء أحزاب قوية ومقنعة؟
عندما يقول الرفاعي إن الأحزاب التي نجحت في الانتخابات اعتمدت على شخصياتها وليس على برامجها فهذا اعتراف بأن العملية الانتخابية نفسها مصممة بطريقة تشجع الفردية على حساب العمل الجماعي. إذا كانت الانتخابات تُدار بهذه الطريقة فإن المسؤولية لا تقع فقط على الأحزاب بل على الإطار القانوني والسياسي الذي وضعته لجنة التحديث السياسي.
النقد الذي وجهه الرفاعي إلى غياب تقييم الأحزاب الداخلي وضعف قدرتها على الإصلاح يقودنا إلى تساؤل أعمق: لماذا لم تُبذل جهود حقيقية لتعزيز هذه الجوانب منذ البداية؟ أين كانت السياسات التي تُلزم الأحزاب بتطوير ذاتها وإشراك شرائح مجتمعية متنوعة مثل النقابيين والشباب؟
أما الحديث عن الوزراء الحزبيين الذين يمثلون أنفسهم وليس أحزابهم فهو يكشف ضعفاً في دور الأحزاب في الحياة السياسية. إذا كانت الحكومة اليوم تضم وزراء حزبيين لا يعبرون عن رؤى أحزابهم فإن ذلك يعكس خللاً في فهم طبيعة التمثيل الحزبي نفسه.
الرفاعي الآن ينتقد تجربة كان هو أحد مهندسيها. إذا كانت الأحزاب ضعيفة والأداء غير مقنع، فإن ذلك يعود إلى أسس التجربة التي لم تعالج القضايا الجوهرية بشكل كافٍ. المشكلة ليست فقط في التنفيذ بل في التخطيط نفسه.
ما نحتاجه اليوم ليس مجرد نقد للتجربة، بل مراجعة شاملة وجادة للآليات والقوانين التي حكمت العملية الحزبية. إذا أردنا بناء حياة سياسية فاعلة وقادرة على تمثيل الناس وتحقيق طموحاتهم يجب أن نتوقف عن تحميل طرف واحد المسؤولية ونبحث عن حلول حقيقية تضمن نجاح التجربة مستقبلاً.
وعلى الرغم بأنني مقتنع تماما ان التجربه الحزبيه نجحت في مرحلتها الاولى وأتت اؤكلها .
اترك تعليقاً