في عالم يتحرك بسرعةٍ هائلة وإقليم على طبق ساخن ، تتغير المعاني والدلالات، وتتبدل المواقف والأولويات. ما كان يوماً شعاراً يرفع معنويات الشعوب، قد يتحول إلى مجرد كلمات جوفاء لا تحمل أي معنى. هذا ما حدث لمقولة “نحتفظ بحق الرد” التي كانت يوماً ما تعبيراً عن الإصرار على الدفاع عن الحقوق، والتصدي للعدوان.
في قلب النسيج التاريخي للمقاومة، كانت مقولة “نحتفظ بحق الرد” تلمع كنجمةٍ ساطعة. كانت تعكس إرادة الشعوب في الدفاع عن نفسها، ورفضها للظلم والاستبداد. كانت ترافقها دائماً مذكرة إلى التاريخ، لتشهد على العدوان المتكرر، وعلى إصرار المظلوم على الدفاع عن حقوقه.
اليوم، ومع تكرار الاعتداءات، وتصاعد الأصوات المطالبة بالرد، نجد أنفسنا أمام سؤالٍ محرج: أين ذهبت تلك الروح النضالية؟ أين ذهبت تلك الإرادة الصلبة؟
لقد شهدنا مؤخراً قصفاً عنيفاً لمنطقة معامل الدفاع في حلب، قصفاً سمعت أصداؤه في كل أرجاء الشمال السوري. ورغم هذا الاعتداء السافر، لم نسمع أي صوتٍ يرفع شعار “نحتفظ بحق الرد”. بل على العكس، ساد الصمت المخجل، وكأننا قد فقدنا القدرة على الدفاع عن أنفسنا.
هذا الصمت المطبق يثير العديد من التساؤلات: هل فقدنا الإيمان بقدرتنا على الرد؟ أم أننا أصبحنا نخشى العواقب؟ أم أننا ببساطة استسلمنا لحقيقة أننا ضعفاء وعاجزون؟
إن هذا الصمت يتناقض تماماً مع الروح التي كانت تميز مقولة “نحتفظ بحق الرد”. هذه المقولة كانت تعبر عن إرادة الشعب في أن يكون له دور فعال في صناعة مستقبله، وأن يرفض أن يكون مجرد متفرج على ما يحدث حوله.
إن مقولة “نحتفظ بحق الرد” كانت أكثر من مجرد شعار، كانت تعبيراً عن هوية وأيديولوجية. لكنها اليوم، وفي ظل التحديات المتزايدة، تواجه اختباراً صعباً.
و استعادة هذه المقولة إلى معناها الحقيقي يتطلب منا إعادة النظر في استراتيجياتنا، وتعزيز وحدتنا، وتجديد إيماننا بقدرتنا على تحقيق النصر. علينا أن نتحرك من الشعارات إلى الأفعال، وأن نترجم كلماتنا إلى واقع ملموس.
إن الصمت ليس خياراً، فالصمت هو بمثابة القبول بالهزيمة. علينا أن نرفع صوتنا عالياً، وأن نواصل النضال من أجل الحرية والكرامة.
اترك تعليقاً