منذ عقود هناك صراع عالمي على منطقة الشرق الاوسط بين الغرب بقيادة أمريكا وبين المعسكر الشرقي بقيادة الروس، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي اضطرت روسيا التوافق مع الغرب، فقام الغرب بإنهاء أي نظام يوالي لروسيا، وبدأ بالعراق ثم ليبيا، وبقت آخر معاقل الروس في سوريا، وصمم الغرب إخراجها من هناك حتى يصبح المهيمن الوحيد على الشرق الاوسط دون منازع كما كان سابقا مهيمن على أفريقيا لعقود،طبعا الغرب هيمنته تتمثل في محاربة الدين ونشر الليبرالية والعلمانية وتحرر المرأة وأضاف لهم مؤخرا نشر الشذوذ، وهذا كله لا يعد شيء مع شرطه الوحيد وهو اعتراف دول الشرق الاوسط بالكيان الصهيوني وحمايته والتطبيع معه، بالإضافة لأهدافه الاخرى وهي:حماية حقوق المسيحيين السياسية أو الدينية أو الاجتماعية.وحماية حقوق الاكراد والدفاع عنهم على اعتبار أنهم حلفاء ثقة للغرب وكذلك يسيطرون على ثروات هائلة في مناطقهم والغرب مع الكيان الصهيوني يخطط لإقامة دولة كردية كبرى تستقطع من عدة دول بالمنطقة.هذا المشروع كان يعيقه نفوذ روسيا في سوريا وهذا أفشل كثير من مشاريع هيمنة الغرب، وكذلك نفوذ إيران التي تحارب وتعادي النفوذ الغربي في المنطقة،طبعا العرب للأسف الشديد بسبب تشتت كلمتهم وعدم وحدتهم خلف مشروع سياسي واحد تجد أنهم لا حيلة لهم إلا التحالف مع الغرب،اليوم المنطقة تمر بتحولات كبرى في حقبة الصراع العالمي بين الشرق والغرب، فروسيا بعد أن عجز الغرب عن إضعافها في أوكرانيا وإيران المتحالفة مع روسيا والصين لا يمكن أن يقبلوا بالخروج من المنطقة بكل سهولة وتسليمها للغرب، فروسيا والصين استطاعوا خلال السنوات الاخيرة الماضية إخراج الغرب من أفريقيا وعجز الغرب وقف ذلك النفوذ هناك،واليوم نحن أمام صراع عالمي بين قطب يحاول أن يحافظ على هيمنته على العالم، وتحالف من عدة أقطاب هدفها نزع تلك الهيمنة،الذي ينتظر المنطقة هو وصول ترامب للسلطة والذي إما أن يدخل مع روسيا في اتفاقية توزيع النفوذ بحيث يتنازل لروسيا عن ما احتلته من اوكرانيا ويمنع انضمام أوكرانيا للناتو مقابل أن ترفع روسيا يدها عن سوريا وتوقف التعاون مع إيران في اتفاقية كبرى، وهنا المنطقة سيتم تسليمها للغرب وسيفرض الغرب أجندته وأولها تثبيت الكيان الصهيوني والتطبيع معه في المنطقة ومن يرفض يطوق بالعقوبات، وستجد إيران نفسها عاجزة عن مواجهة الغرب ودول المنطقة بنفسها بدون دعم مباشر من روسيا والصين. الخيار الثاني وهو الاحتمال الاقرب للحدوث أن يعجز ترامب عن مساومة بوتين وتستمر الحرب ويستمر العداء وهنا روسيا ستتحالف مع إيران والصين وكوريا الشمالية وستنازع الغرب نفوذه في الشرق الاوسط وسيتم دعم جبهات المقاومة كذراع يواجه تمدد مشروع الغرب الداعم للكيان الصهيوني، وما يحدث في سوريا من توجس الغرب من الإسلاميين وعدم رغبتهم في نفوذ تركي بالمنطقة كونه يتعارض مع مشروع دعم إنشاء دولة كردية، ومع توجس بعض الدول العربية من مشروع الإسلام السياسي بقيادة تركيا فكل ذلك سوف يضعف هيمنة الغرب وقبضته على المنطقة مما سيمكن الروس والإيرانيين من التعاون ودعم مشروع الحد من النفوذ الغربي، فروسيا التي وقفت على الحياد من دعم المقاومة ستجد نفسها اليوم مضطرة ومجبرة لدعم مشروع المقاومة لتتحالف معه لأجل أن يرجع نفوذها في الشرق الاوسط، وخاصة أن كل هذا النفوذ كلمة السر فيه هو مصادر إمدادات الطاقة والتي تتوفر بوفرة في الشرق الاوسط، وهذا بعكس أفريقيا التي لم يصر الغرب عليها كثيرا بسبب الامية هناك وضعف الثروات مقارنة بالشرق الاوسط وصعوبة بناء الدول المدنية والديمقراطية بعكس الشرق الاوسط الذي تم ترويضه منذ عقود على هذه المفاهيم وخاصة من خلال الطابور السادس من العلمانيين الذين هاجروا للغرب وتم تجهيزهم لحكم دولهم بنظام علماني غربي.ختاما المنطقة ستمر بمخاض صعب وصراع نفوذ قوي وستبدأ بحروب نهايتها سوف تكون في انتصار مشروع المقاومة الذي سيتم دعمه بقوة قريبا في حال فشل صفقة ترامب مع بوتين.
اترك تعليقاً