عناوين و دعوات الاستدارة إلى ملفات الشأن الداخلي لوطننا الاردني و التركيز عليها ، تحظى اليوم بالأولوية و المحور الرئيسي على الساحة السياسية و الشعبية الأردنية ، بل إن القرارات الحكومية المتعلقة بها تتصدر اولى صفحات المواقع و الصحف الإخبارية ، خاصة بما يتعلق بالملفات و المؤشرات الاقتصادية ، كونها الأساس التي ترسم ملامح الاستراتيجية الحكومية الهادفة إلى تحسين الأوضاع المعيشية للمواطن، التي باتت حاجة ضرورية لجميع الطبقات الاجتماعية فقراء، وسطى، حتى الغنية منها ونسعى جميعا لتظافر الجهود معا لتجاوز هذه الحالة الاقتصادية الصعبة الراهنة و الضائقة المالية الخانقة التي نعلم جميعا أنها نتاج عوامل خارجية و داخلية و أنها لا تمر فقط على وطننا الاردني بل على المستوى الدولي و دول المحيط العربي والإقليمي ، و وصلت إلى حد عنق المجتمع الاردني وما تثقل على كاحله و عواهنه من مصاريف و نفقات و تأكل للدخل و ضعف في القوة الشرائية ، وكأنها جائحة مرضية تذكرنا بجائحة كورونا 2019 لكنها اقتصادية تستهدف الجهاز و الجسد الاقتصادي عابرة للدول و القارات و لعل هذا ما دفعني في جعل عنوان المقال و المقاربة و المقارنة بين الجائحتين و التدابير التي اتخذتها الحكومات الأردنية في مواجهة الاولى ، حيث أن الوصف الذي جاء في المقدمة ماهو الا تعبير عام عن رأي مواطن من الطبقة الشعبية يعيشها معها ، مشتبك مع الحالة السياسية الحزبية و برامجها و مع كوادرها ومنهم الاقتصادية وهم الاولى في الكتابة عنها لأنهم أصحاب الاختصاص و الخبرة و نعلم الفرق أن تكون داخل الموقع وخارجه ، لكن الواجب يحتم علينا التصدي لها وحدة واحدة .
الدولة الأردنية ذات المئوية الثانية عبرت ملكيتها الثالثة نحو ملكيتها الرابعه كعهدها بكل ثقة و استقرار و اتزان وآمن وآمان ، و لم تؤثر أو تمس التغيرات والاحداث التي حدثت في زمان الملكية الثالثة رغم خطورتها و خصوصيتها الأمنية على سيادته و وحدة أراضيه و حتى اقتصاده الذي تضرر لكن تعافى سريعا ، و يكمن السر و التفسير أن الاحداث الامنية و العسكرية كانت داخل البيت العربي على الأغلب مع نسبية ضئيلة للتدخلات الخارجية وقتها ، و كانت حركات تنظيمية سياسية تستهدف السلطة في دول الجوار لم تؤثر على وحدة الجغرافيا ، ولأن الاردن لم يكن طرفا فيها في أي يوم ما والى اليوم ، استطاع التعامل معها و استيعابها و إعادة العلاقات إلى طبيعتها و ترميم حالة التضامن العربي سياسيا واقتصاديا.
الملكية الأردنية الرابعة شهدت أحداث كما في ثالثها بل أشد خطورة ابتدأ من الغزو الأمريكي للعراق و الربيع العربي والارهاب وصفقة القرن و الحرب على سوريا ، مجريات متتالية احدثت تغيرات سياسية و جغرافية و ديمغرافية اضعفت حالة المناعة للوحدة العربية تاركا الاردن محاصرا وحيدا في مواجهة تداعياتها تحديدا في التصدي لملف القضية الفلسطينية والتي تستهدفه ، هذه الأحداث حرمته و حرمت حكوماته من فرص اقتصادية ضائعة و اكمال برامجها كما في عام 2010 و ماتبعها من أعوام لم تأخذ فترة لالتقاط أنفاسها .
رغم هذه الأحداث استطاع الاردن التعامل معها بحنكة قيادته وادارتها للملف السياسي الخارجي و دعم أبناء شعبها والتصدي لها بكل صلابة وقوة ونهج استراتيجية حصيفة محافظة تهدف للحفاظ على استقرار الاردن و وجوده وان كانت على حساب اقتصاده ، لكن كما يقال الضربة التي لا تقسم ظهرك تقويك، لهذا نهض قويا وبدأ مراجعة للأضرار و السياسات التي خلفتها تلك الأحداث و جائحة كورونا الصحية التي فاقمت أيضا من صعوبة الأوضاع الراهنة ، وأطلق مرحلة التحديث بمساراتها الثلاث و ما نتج عنها من تحولات ديمقراطية متجددة ، ورؤية جديدة لبناء مشروع وطني اردني نواته اليات و تشريعات وادوات حقيقية للتعامل مع جائحة اقتصادية ، تعمل حكومة العشرين برئاسة جعفر حسان من الميدان بجدية و استراتجية عملية و اتخاذ إجراءات سريعة و بتوصية قرارات تدفع العجلة الاقتصادية وان كان ببطء ، لكن هناك ماهو مطلوب أكثر منها حتى يلمس الوطن والمواطن الاردني نتائجها لعل أهم هذه الخطوات الالتزام بأهداف مرحلة التحديث وتفعيل ترشيق القطاع العام و خفض النفقات و دعم القطاع الخاص في المجالات الواعدة وتشجيع رأس المال الوطني في المشاركة عبر حزم تحفيزية واستقطاب الاستثمارات و الاعتماد على الكفاءات الوطنية وتدريب نخب سياسية إدارية شابة قادرة على صناعة الفرص من رحم الأزمات و متابعة الإنجازات و مراكمتها وللحفاظ عليها ، ويكون عنوانها و بوصلتها نحو اردن اقوى اليوم وفي المستقبل ولتستمر المسيرة بثبات في الملكية الرابعة ليفتخر أبناؤنا والأجيال القادمة أننا حافظنا على اردن هويته وطنية اردنية وفي قلبه أمة عربية .
اترك تعليقاً