واشنطن: نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا تماشيا مع دعوة ترامب، تحت عنوان، “ضم أجزاء من غزة هو الطريق لإطلاق “الجحيم” على حماس”.
أشارت الصحيفة إلى أن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب وجه رسالة صارمة إلى حركة حماس، قال فيها: “إذا لم يتم الإفراج عن الرهائن قبل 20 كانون الثاني/يناير 2025، وهو اليوم الذي أتولى فيه بفخر منصب رئيس الولايات المتحدة، فسوف يكون هناك جحيمٌ يدفع الجميع ثمنه في الشرق الأوسط، ولن ينجو المسؤولون عن هذه الفظائع ضد الإنسانية. سيكون الرد بضربات غير مسبوقة في تاريخ الولايات المتحدة الطويل”.
ومع اقتراب موعد تنصيب ترامب بعد أسبوع ونصف فقط، يطرح تساؤل حيوي نفسه: كيف يمكن تصعيد الوضع الذي بلغ بالفعل مستويات كارثية؟
تدمير جباليا وجهنم جيش الاحتلال
وتضيف، في زيارة حديثة إلى منطقة جباليا، شمال مدينة غزة، التي كانت سابقًا واحدة من أكثر المناطق اكتظاظًا بالسكان في الشرق الأوسط، ومصدر فخر لحركة حماس، تظهر الآن صورة مختلفة تمامًا، جباليا اليوم غارقة في الدمار، حيث استجاب معظم سكانها لتحذيرات الجيش الإسرائيلي بإخلاء المنطقة. الشوارع باتت مقفرة، وتجوبها مجموعات من الكلاب الجائعة، بينما تحوّلت الأحياء إلى أطلال.
وتؤكد الصحيفة الأمريكية، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي فتح أبواب الجحيم على غزة. عمليات القصف المكثفة دمّرت معظم القطاع، ومع ذلك، لم تشهد غزة انتفاضة شعبية ضد حماس، النظام الذي يرى كثيرون أنه مسؤول عن هذه الكارثة. في ظل هذا الوضع، يبقى السؤال: ما الجدوى من مزيد من القصف والدمار؟
تحويل عشرات الآلاف من سكان غزة إلى لاجئين إضافيين لن يقدم حلاً. الواقع في غزة هو أن أزمة اللاجئين متجذّرة منذ عقود، حيث تشمل اللاجئين الذين فقدوا منازلهم في حرب عام 1948 وأحفادهم الذين وُلدوا في هذا الوضع.
حماس تستغل المعاناة
ترى حركة حماس أن معاناة سكان قطاع غزة تمثل مكسبًا استراتيجيًا وليس تكلفة. فالمسلحون الذين يتخذون من المستشفيات والمدارس ورياض الأطفال مواقع لمقراتهم لا يسعون فقط لحماية أنفسهم من الهجمات، بل يهدفون أيضًا إلى استغلال سقوط الضحايا المدنيين، وهو أمر لا مفر منه في هذه الحالة، لتوجيه الدعاية وتحقيق مكاسب سياسية. فكلما زاد عدد القتلى، ازداد التعاطف العالمي مع القضية.
إضافة إلى ذلك، تقوم حماس بالاستيلاء على المساعدات الإنسانية المرسلة إلى غزة، لتعيد بيعها بأسعار باهظة للسكان الذين يعانون من الجوع والفقر. هذه الممارسات تُظهر بوضوح عدم اكتراث الحركة برفاهية سكان القطاع.
خطوات حاسمة لترامب
على الإدارة الأمريكية، بقيادة ترامب، اتخاذ خطوات حاسمة لمعالجة هذا الوضع. الخطوة الأولى والأكثر إلحاحًا هي وقف استيلاء حماس المنظم على المساعدات الإنسانية التي تقدمها إسرائيل إلى غزة.
فقد أمضت إدارة بايدن أكثر من عام في الضغط على إسرائيل لمواصلة إرسال المساعدات، على الرغم من تأكيد وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، في بداية الحرب أن الولايات المتحدة ستعمل على منع وصول هذه المساعدات إلى أيدي حماس.
ينبغي الآن اتخاذ تدابير حاسمة لضمان إيصال المساعدات عبر الجيش الإسرائيلي أو جهات خاصة قادرة على الحيلولة دون استغلالها من قبل حماس.
بدون القدرة على سرقة المساعدات الإنسانية واستغلال السكان الذين يعانون من الجوع، ستجد حماس نفسها في مواجهة خطر الانهيار خلال فترة قصيرة.
الخطوة الاستراتيجية الثانية التي ينبغي النظر فيها هي السماح لإسرائيل بضم أجزاء من قطاع غزة، في سياق الصراع في الشرق الأوسط، يُعد فقدان الأراضي من أكثر العقوبات إيلامًا، ففي الثقافة الفلسطينية، يُعتبر مفهوم “الصمود” مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بالأرض، التي تمثل قيمة ثابتة ورمزية. أي حرب تهدف إلى احتلال إسرائيل ينبغي أن تنتهي بزيادة الأراضي الخاضعة لها، مما يشكل رادعًا استراتيجيًا للطرف الآخر.
وقالت، في عام 1948، بعد أن أعلنت إسرائيل استقلالها بموجب تفويض من الأمم المتحدة، أعلنت خمس دول عربية الحرب ضد الدولة اليهودية، وضمت أكثر من 2000 ميل مربع كانت مخصصة للعرب في الأصل. وفي عام 1967، سيطرة إسرائيل على أراضٍ من دول ثلاث (مصر، الأردن وسوريا).
واليوم، يطالب العالم إسرائيل بالانسحاب إلى حدودها الأصلية بعد كل صراع تنتصر فيه. هل من المستغرب أن يحاول المعتدون مرارًا وتكرارًا تدمير الدولة اليهودية، مع العلم أنهم لا يواجهون تهديدًا كبيرًا بفقدان الأرض؟ يجب أن يتغير هذا الوضع الراهن.
وأشارت إلى أنه، لا يوجد شيء مقدس في حدود غزة التي تم إنشاؤها في عام 1949 لترسيم خط الفصل بين مصر وإسرائيل. كانت غزة تحت سيطرة مصر حتى عام 1967، وكانت إسرائيل تسيطر عليها حتى عام 2005، عندما انسحبت الدولة اليهودية من جانب واحد.
وأضافت، هناك مبرر أمني واضح لتقليص حدود غزة: من شأن ضم محيط ميل واحد حول غزة أن يخلق منطقة عازلة بين الأراضي التي تحكمها حماس والمجتمعات الإسرائيلية التي هاجمتها حماس في 7 أكتوبر. يجب أن تشمل المنطقة أيضًا امتدادًا بطول 3 أميال على طول الحدود الشمالية لغزة، والتي كانت موقعًا للمستوطنات الإسرائيلية قبل انسحاب إسرائيل وتحويل حماس لها إلى قواعد.
تم رسم حدود الشرق الأوسط بشكل تعسفي في القرن العشرين من قبل دبلوماسيين أوروبيين يمثلون القوى الاستعمارية. وقد ساهم ذلك فيما يقرب من قرن من العنف الدموي، حيث لا يمكن للحدود المصطنعة أن تحمي الدول من القبائل المتنازعة. وسقوط بشار الأسد في سوريا ليس سوى أحدث مثال على الاضطرابات القبلية في إحدى دول الشرق الأوسط.
وختمت الصحيفة تقريرها بالحديث، خلال فترة ولاية ترامب الأولى، أشار إلى انفتاحه على إعادة النظر في الشرق الأوسط من خلال الاعتراف بضم إسرائيل لمرتفعات الجولان وشكل من أشكال السيادة الإسرائيلية على المستوطنات اليهودية في يهودا والسامرة. ومن جانبه، سمح بايدن ضمنيًا للجيش الإسرائيلي بإنشاء منطقة عازلة في أجزاء من جنوب سوريا.
ويمكن للسيد ترامب أن يوسع هذا النهج ليشمل غزة للإشارة إلى أن الإرهاب لا يدفع الثمن. ويمكن أن يمثل هذا التغيير في الخريطة تقدمًا كبيرًا نحو السلام في الشرق الأوسط.
اترك تعليقاً