قال وزير الصحة الأردني إن “ابنه الطبيب بقي دون عمل لمدة ثلاث سنوات”، في إشارة إلى صعوبة حصول الأطباء على وظائف في المملكة. هذا التصريح، الذي يبدو للوهلة الأولى كأنه تسليط للضوء على مشكلة حقيقية، يحمل في طياته تساؤلات أكبر حول مسؤولية الحكومة في تنظيم القطاع الصحي وضمان فرص عمل عادلة للكفاءات الطبية.مفارقة غير مقبولة: هل الوزير مجرد متفرج؟عندما يتحدث وزير مسؤول عن قطاع الصحة في الأردن عن “بطالة الأطباء”، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما دوره في حل هذه المشكلة؟ هل المطلوب من المواطنين التعاطف مع الوزير وعائلته، أم أن على الوزارة اتخاذ خطوات فعلية لمعالجة أزمة التشغيل في القطاع الطبي؟إذا كان نجل الوزير، وهو ابن شخص صاحب نفوذ في المنظومة الصحية، لم يجد عملاً لثلاث سنوات، فكيف هو حال آلاف الأطباء الآخرين الذين لا يملكون دعمًا أو واسطة؟ هل يعكس هذا اعترافًا رسميًا بفشل الوزارة في استيعاب الكفاءات الوطنية وتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء الشباب؟الأطباء العاطلون: أزمة مسؤولية أم سوء تخطيط؟الحقيقة أن مشكلة بطالة الأطباء في الأردن ليست جديدة، لكنها تزداد تعقيدًا بسبب سوء التخطيط وعدم وجود سياسات واضحة لاستيعاب الخريجين الجدد. في الوقت الذي تتزايد فيه شكاوى المستشفيات من نقص الكوادر الطبية، نجد مئات الأطباء ينتظرون فرص عمل لسنوات، أو يضطرون للهجرة بحثًا عن مستقبل أفضل.إذا كان الوزير يعترف بهذه المشكلة علنًا، فلماذا لا نرى خطوات فعلية لحلها؟ أين خطط التوسع في المستشفيات الحكومية؟ أين برامج التدريب والتشغيل التي تضمن للأطباء الجدد فرصة حقيقية للعمل والتطوير؟بدل التصريحات.. نحتاج إلى حلولبدلًا من تقديم تصريحات تستفز الشارع الأردني، كان الأجدى بالوزير أن يعلن عن إصلاحات جذرية في نظام التوظيف الطبي، أو خطط لاستيعاب الأطباء ضمن مشاريع جديدة، أو حتى مبادرات لتشجيع الاستثمار في القطاع الصحي الخاص لتوفير فرص عمل إضافية.إن الحديث عن “البطالة” وكأنها أمر واقع لا يمكن تغييره هو هروب من المسؤولية. الأردنيون لا يريدون تصريحات متعجرفة، بل سياسات واضحة وحلولًا ملموسة. فإذا كان الوزير عاجزًا عن تشغيل ابنه، فكيف نتوقع منه حل مشكلة آلاف الأطباء العاطلين؟تصريح الوزير يضعه أمام مسؤولية مباشرة: إما أن يتحرك لإيجاد حلول حقيقية، أو يفسح المجال لمن يستطيع مواجهة التحديات بجدية. الأردنيون ليسوا بحاجة إلى تبريرات، بل إلى رؤية واضحة تضمن أن من يدرس لسنوات طويلة في كليات الطب لن ينتهي به المطاف عاطلًا عن العمل في وطنه.
اترك تعليقاً