لم تنقطع تداعيات اغلاق باب المندب او التهديدات التي تواجهها السفن الاسرائيلية عبره من قبل جماعة الحوثي اليمنية منذ اواخر 2023 حتى يومنا هذا، وذلك في إطار نصرتها لقطاع غزة الذي يتعرض لعدوان صهيوامريكي متواصل منذ السابع من اكتوبر 2023، والآن وصلنا الى عملية عسكرية امريكية مباشرة على اليمن منذ يوم السبت الماضي والتي ادت الى توقف حركة الملاحة عبر هذا المضيق البحري الهام.
بدون الخوض في المسببات السياسية او العسكرية الخاصة بالهجوم الامريكي على اليمن والرد اليمني، فان التبعات الكبيرة على الاقتصاد العالمي ذات اثر مباشر بل وزادت عما سبق نتيجة لقوة الضربات الامريكية، خاصة وان مضيق باب المندب يحتل مراتب متقدمة في حركة الشحن العالمية.اذا ما رجعنا لاواخر 2023 وحتى وقت قريب فان هجمات «الحوثي» على السفن الاسرائيلية او الاخرى ذات العلاقة بدولة الكيان الصهيوني جعلت 60 % تقريبا من السفن المرتبطة بالاتحاد الاوروبي تحول مسارها من البحر الاحمر الى افريقيا، اي انها ادت الى اضطراب ملموس في حركة السفن التجارية والشحن البحري، حيث غيرت هذه السفن اتجاهها نحو مسارات بحرية اطول من خلال رأس الرجاء الصالح اي ان كلف الشحن ارتفعت بشكل واضح مع ارتفاع في اسعار التأمين البحري، ما يعني اعباء مالية كبيرة على شركات النقل البحري.
اما فيما يتعلق بناقلات النفط، فان مضيق باب المندب يُعَدّ من أهم الممرات البحرية لنقل النفط عالميا، ويحتل المرتبة الثالثة عالميا من حيث حجم تجارة الطاقة العابرة خلاله، مما يظهر اهميته الاستراتيجية في حركة الطاقة العالمية، وبحسب ارقام رسمية فقد بلغ متوسط تدفقات النفط عبره في 2023 نحو 8.8 ملايين برميل يوميا، وبسبب الاضطرابات هناك تراجعت التدفقات النفطية عبره بنسبة قاربت الـ 60 % في 2024.
أما تجارة الحاويات العالمية، فقد غيرت اربع من اصل خمس شركات شحن حاويات عالمية منذ اواخر 2023 مساراتها وعلقت خدماتها عبر البحر الاحمر، علما بان هذه الشركات تمثل مجتمعة 53 % من تجارة الحاويات العالمية، وقد تبعتها عدة شركات اقل حجما، ومن المتوقع استمرار هذا الوضع مع زيادة الضربات الامريكية لليمن والرد عليها.أما سلاسل الامداد العالمية، فان مضيق باب المندب كما هو معلوم يربط بين افريقيا وشبه الجزيرة العربية وصولا الى قناة السويس ومن ثم الى اوروبا، كما انه منفذ البحر الاحمر الوحيد للمحيط الهندي، ويتدفق من خلاله ما بين 12%-15% من اجمالي التجارة العالمية، ومع اختيار الشركات النقل عبر رأس الرجاء الصالح الاكثر امنا فان حركة التجارة العالمية مع إعادة توجيه الشحن حول أفريقيا، ستزيد تكاليفها، إذ ستضطر السفن للإبحار لوقت أطول، كما سترتفع تكاليف التأمين في هذه الحالة.
سنويا تمر بضائع وإمدادات متداولة عبر البحر الأحمر بمليارات الدولارات، ما يعني ان الهجوم الامريكي على اليمن سيزيد من حالة الاضطرابات الحالية التي قد تؤثر على أسعار المشتقات النفطية والإلكترونيات، وغيرها من جوانب التجارة العالمية، اضافة الى ارتفاع اسعار سلع استهلاكية ومواد غذائية، اي اعباء مالية اضافية على المستهلك العالمي المسكين الذي يتلقى الضربات تباعا منذ ما يقارب الثلاث سنوات.رغبات السيطرة من قبل الدول الكبرى والتغيير الجيوسياسي وحالة القرارات العسكرية غير المدروسة وتجنب الدبلوماسية والرغبة في بسط السيطرة على العالم بمفهوم القوة والقوة المفرطة، كلها عوامل ساهمت وستساهم في زيادة مأساة العالم على كافة الصعد
اترك تعليقاً