في رسالة واضحة وصريحة، يوجّه أ.د. محمد الفرجات، مؤسس منتدى الابتكار والتنمية، نداءً إلى وزارة التعليم العالي لمراجعة سياسات تسكين المواد في الجامعات، معبّرًا عن قلقه تجاه التوجهات الحديثة التي قد تؤثر سلبًا على جودة التعليم العالي والبحث العلمي.
توسع تخصصات التربية وتأثيره على جودة البحث العلمي
يبدأ الدكتور الفرجات بمناقشة ظاهرة فتح تخصص التربية لجميع الخريجين من مختلف التخصصات، مثل الرياضيات، الفيزياء، الكيمياء، الأحياء، والآداب، ليتابعوا دراساتهم العليا في مجال التربية. رغم احترامه الكبير لهذا التخصص، إلا أنه يرى أن هذا النهج أدى إلى انتشار ظاهرة إعداد الرسائل العلمية بالاعتماد على الاستبانات والتحليل الإحصائي باستخدام برامج مثل SPSS، دون التعمق في البحث العلمي المتخصص.
يرى الفرجات أن توسيع نطاق التربية بهذا الشكل قد يحدّ من التطوير الحقيقي للبحث العلمي، حيث أصبح من السهل على الباحثين في تخصصات مختلفة الانتقال إلى التربية دون أن يستمروا في التعمق بمجالاتهم الأصلية، مما يضعف إنتاج المعرفة المتخصصة.
تسكين المواد: هل يقيد الإبداع الجامعي؟
ينتقد الدكتور الفرجات بشدة سياسة تسكين المواد التي بدأت تتبعها الجامعات، والتي تفرض قيودًا على أساتذة الجامعات فيما يتعلق بالمناهج الدراسية. حيث أصبح الأساتذة ملزمين بخطط دراسية ثابتة ومخرجات محددة، مما يقلل من حرية التدريس والإبداع الأكاديمي.
يؤكد الفرجات أن التعليم الجامعي يجب أن يبقى متطورًا ومفتوحًا، بحيث يستطيع الأستاذ الجامعي تحديث مادته العلمية بناءً على الأبحاث الحديثة، وورش العمل، والمؤتمرات الدولية، وليس التقيد بخطط جامدة تحدّ من إمكانية مواكبة التطورات الأكاديمية والعلمية.
كما يتساءل: هل أدت كل هذه الدراسات والتقارير حول القياس والتقويم إلى تحسين واقع المدارس؟ إذا لم تحقق هذه المناهج نتائج ملموسة في تطوير التعليم الأساسي، فكيف نتوقع أن تؤدي إلى تطور في الجامعات؟
البحث العلمي ودوره في تطوير الجامعات وسوق العمل
يشدد الدكتور الفرجات على أن البحث العلمي الحقيقي هو الذي يعزز مكانة الجامعات ويسهم في تطوير سوق العمل، وليس مجرد الالتزام الصارم بالمقررات الجامعية والقيود الإدارية. ويدعو إلى إعادة النظر في سياسات التسكين الجامعي من أجل دعم الحرية الأكاديمية والإبداع في البحث العلمي.
دعوة لإعادة النظر في سياسات التعليم العالي
في ختام رسالته، يوجه الفرجات شكره لوزارة التعليم العالي، ولكنه يطالبها بإعادة النظر في سياسات التسكين، والتفكير بعمق في مستقبل الجامعات والتعليم العالي في البلاد. إذ يرى أن التطور لا يكون من خلال فرض القيود، بل من خلال منح الحرية للأكاديميين للإبداع وتطوير مناهجهم بناءً على أحدث ما توصل إليه العلم.
ختامًا
تمثل هذه الرسالة نداءً جادًا لمراجعة السياسات التعليمية التي قد تؤثر على جودة البحث العلمي والتدريس الجامعي. فالتحدي الأكبر الذي يواجه الجامعات اليوم ليس فقط الالتزام بالمقررات، بل القدرة على مواكبة التغيرات العالمية وإنتاج معرفة جديدة تساهم في تطوير المجتمع وسوق العمل.
اترك تعليقاً