في فجر 21 آذار 1968، سطّر الجيش العربي الأردني واحدة من أروع ملاحم الصمود في التاريخ العربي الحديث، عندما تصدى ببسالة لمحاولة اجتياح إسرائيلية استهدفت مناطق استراتيجية في الأغوار الأردنية. جاءت هذه المعركة في وقت كانت فيه الأمة العربية تعاني من آثار نكسة حزيران 1967، لتشكّل الكرامة نقطة تحول أعادت الثقة بقدرة الجيوش العربية على المواجهة والانتصار، رغم الفارق الكبير في العدة والعتاد.
لم تكن معركة الكرامة مجرد اشتباك عسكري، بل كانت مواجهة مصيرية جسّدت عمق الانتماء الوطني، حيث التحم الجيش بقيادته وشعبه في دفاع مستميت عن الأرض والكرامة. اعتمدت القوات الأردنية تكتيكات ميدانية محكمة، واستفادت من طبيعة الأرض لإيقاع خسائر فادحة بالقوات الإسرائيلية، التي اضطرت للانسحاب مخلفة وراءها قتلاها وآلياتها المدمرة.
أكد هذا الانتصار أن العقيدة القتالية والإرادة الصلبة يمكن أن تتغلب على التفوق العسكري، وأن الكرامة الوطنية ليست شعارًا يُرفع، بل موقف يُدافع عنه حتى الرمق الأخير. وهكذا، لم تكن الكرامة مجرد معركة، بل شهادة تاريخية على أن الأرض لا يحميها إلا أبناؤها، وأن الكبرياء العربي قد يترنح لكنه لا يسقط.
الأستاذ الدكتور صلحي الشحاتيت
اترك تعليقاً