أ.د. حسن الدعجه
استاذ الدراسات الاستراتيجية بجامعة الحسين بن طلال
الرياضة ليست مجرد نشاط جسدي يستهدف تحسيناللياقة البدنية والفوز بالمسابقات؛ بل هي أداة قوية لتهذيبالأخلاق وبناء الشخصية. في جوهرها، تحمل الرياضة قيماًعظيمة تتعلق بالاحترام، التعاون، والروح الرياضية. الهدفالأسمى من ممارسة الرياضة ينبغي أن يكون نشر السلاموالتفاهم بين الأفراد والشعوب، وليس مجرد تحقيقالانتصارات التي قد تأتي على حساب كرامة الآخرين.
إن الحوادث التي تظهر بعض الأفراد يتصرفون بطريقةمسيئة تجاه الشعب العراقي تثير القلق بالفعل، ولكن منالضروري النظر إلى هذه الأفعال على أنها لا تمثل إلاأفرادًا معدودين وليس الشعب الأردني بأكمله. العلاقاتالأردنية العراقية عميقة ومتجذرة في التاريخ والثقافةالمشتركة، وهذا الإرث الثقافي والحضاري يعزز من الروابطبين الشعبين.
من المهم في هذه اللحظات الحرجة أن نتذكر قيم التعاطفوالتفاهم المتبادل الذي يجب أن يسود بين الجيرانوالأشقاء. إن دعم التواصل البناء والتعليم القائم علىالاحترام المتبادل يمكن أن يساعد في توضيح الصورةالحقيقية للشعب الأردني وكذلك العراقي.
كما أنه من الضروري تسليط الضوء على الجهود المستمرةمن قبل الحكومات والمجتمعات في كلا البلدين لتعزيزالعلاقات الثنائية والعمل معًا من أجل مستقبل مزدهرومستقر. التأكيد على هذه الجهود المشتركة يمكن أن يسهمفي تقليل الانطباعات السلبية وتعزيز الصورة الإيجابية لكلاالشعبين.
في زمن تزداد فيه المنافسات حدة وتصل إلى مستوياتعالية من الكثافة، من الضروري تذكير الرياضيينوالجماهير بأن الرياضة هي قبل كل شيء وسيلة لتعزيزالقيم النبيلة مثل العدل، النزاهة، والاحترام المتبادل. إنالإساءة للفريق المنافس أو التقليل من شأنه لا تعكس الروحالحقيقية للرياضة، بل تشوه صورتها وتقلل من قيمتها كأداةللتوحيد والبناء.
إن التركيز على تهذيب الأخلاق من خلال الرياضة يفتحالمجال لخلق بيئة تنافسية صحية، حيث يتعلم اللاعبونوالجماهير على حد سواء كيفية التعامل مع النجاح والفشلبكرامة واحترام. هكذا، تصبح الرياضة مرآة تعكس أفضلما في الإنسانية، وترسخ مكانتها كجسر للتفاهم والسلامبين جميع الثقافات والشعوب.
في زمن تتقاذفه الصعاب وتحيط به التحديات، يبرز دورالشعب العراقي كنموذج يُحتذى به في الشجاعة والنخوةوالكرم، مُعززاً بذلك صورة الأمة العربية التي تتسم بالعطاءوالتضحية. العراق، هذه الأرض الطيبة التي عانت منالكثير جراء الصراعات والحروب، لم يُثنِ ذلك عزم أهلهاعلى الوقوف صفاً واحداً إلى جانب أشقائهم العرب في كلمحفل.
على مر التاريخ، كان الشعب العراقي مثالاً للنخوة العربية،حيث دافع ببسالة عن شرف الأمة وساند شعوب المنطقة فيأحلك الظروف. من العراق جاء العلماء والأدباء والفنانونالذين أثروا الحضارة العربية، ومنها خرجت الجيوش التيوقفت دفاعاً عن العروبة والكرامة الإنسانية.
لم تكن التضحيات التي قدمها العراقيون من أجل رفعةالأمة مجرد حوادث متفرقة، بل كانت نهجاً مستمراً يعكسعمق الإيمان بقيم العروبة والمشترك الإنساني. رغم الألموالتحديات، ظل العراقيون يمدون أيديهم بالخير لكل منحولهم، مُجسدين أسمى معاني الأخوة والسخاء.
مؤخراً، ظهرت بعض المقاطع المصورة التي تسيء للشعبالعراقي وتُظهر صورة لا تعكس حقيقة أو جوهر هذاالشعب العريق. من المهم أن نُدرك بأن هذه الأفعال لا تمثلالشعب الأردني أو غيره من الشعوب العربية التي تجمعهابالعراق روابط التاريخ والمصير المشترك. هذه الأفعال هيمن قِبَل شرذمة قليلة تفتقر إلى القيم والأخلاق التي تُعززالوحدة والتآخي.
من الضروري الإشارة إلى أن هناك قوى وأعداء للأمةيسعون دائماً لتوسيع الفجوة بين الأشقاء وزرع الفتنةبينهم. لكن بفضل الحكماء والعقلاء في كلا الشعبين، يتمالتصدي لهذه المحاولات بكل قوة وحزم. العراقيونوالأردنيون، كما باقي العرب، يدركون خطورة هذه الألاعيبويعملون سوياً لتعزيز وحدة الأمة وتقوية أواصر الأخوة.
إن النظر إلى العراق بعين التقدير والاحترام يُعد واجباً علىكل عربي، فالتضحيات التي قدمها ويقدمها هذا الشعبمن أجل عزة وكرامة الأمة يجب أن تُكافأ بالمثل، بالدعموالمساندة المستمرة. الشعب العراقي، بكل ما يحمله من قيمالكرم والشهامة والعطاء، يظل رمزاً للعروبة الأصيلة التيتجمع ولا تفرق، وتُعلي شأن الإنسانية وتسمو بها.
لذلك، من واجبنا كأبناء لهذه الأمة أن نُعلي من شأن الكلمةالطيبة ونبذ الخلافات، ونعمل دوماً على تحصين جسورالأخوة والصداقة التي تربطنا بالشعب العراقي العظيم،مُؤكدين على أن الروابط العربية متينة وأساسها الاحترامالمتبادل والتعاضد في وجه التحديات.
اترك تعليقاً