في إطار الجهود الوطنية لتعزيز الحماية الاجتماعية وضمان وصول الدعم والخدمات إلى الفئات الأكثر احتياجا، تعمل الحكومة على تحديث الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية للفترة (2025-2033)، استكمالا للاستراتيجية الحالية بهدف تعزيز الشمولية والمرونة ورفع كفاءة أنظمة الحماية الاجتماعية بما ينسجم مع مسارات التحديث ( السياسي والاقتصادي والإداري).ويأتي تحديث الاستراتيجية استجابة لتوجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني بضرورة توفير حماية اجتماعية شاملة ومستدامة، تعزز كرامة المواطن وتدعم الفئات الأكثر تأثرا بالظروف الاقتصادية، بما يساهم في بناء مجتمع أكثر إنتاجية ومتانة اقتصادية.وأكد جلالة الملك يوم الثلاثاء الماضي خلال اجتماع مع عدد من المسؤولين المعنيين، ضرورة تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني في تنفيذ الاستراتيجية، لتطوير قطاع الحماية والرعاية الاجتماعية، مشيرا إلى أهمية متابعة تنفيذ الاستراتيجية وتقييم الأداء وفق خطة واضحة، وتوعية وتعريف المواطنين بالاستراتيجية المحدثة وبرامجها.وبحسب مسودة الاستراتيجية التي حصلت وكالة الانباء الاردنية (بترا) على نسخة منها تهدف الاستراتيجية المحدثة إلى تمكين متلقي خدمات الحماية الاجتماعية وتعزيز النمو الاقتصادي، من خلال دمج قطاع الحماية والرعاية الاجتماعية ضمن رؤية التحديث الاقتصادي واعتماده رسميا في البرنامج التنفيذي للرؤية تحت محرك “نوعية الحياة”، وإدخال أدوات الذكاء الاصطناعي والرقمنة في تصميم وتنفيذ برامج الحماية الاجتماعية، وتحقيق الاستدامة المالية والمؤسسية من خلال إشراك القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني، إلى جانب تعزيز الاتصال المجتمعي ورفع الوعي بالبرامج والخدمات.وتقدم الاستراتيجية هيكلا محدثا يرتكز على أربعة محاور: “كرامة”، الذي يركز على تقديم الدعم النقدي والعيني والخدمات الأساسية للأسر الفقيرة والفئات الهشة؛ و “تمكين”، الذي يهدف إلى تحسين جودة الخدمات الصحية والتعليمية والحماية الاجتماعية للفئات الأكثر ضعفا ودعم تنفيذ قانون التنمية الاجتماعية الذي أقر العام الماضي 2024؛ و”فرصة”، الذي يعزز الاندماج الاقتصادي عبر دعم العمل اللائق والتوسع في برامج سوق العمل وتغطية الضمان الاجتماعي؛ ومحور “صمود”، الذي يعد الإضافة الأبرز في النسخة الجديدة، ويهدف إلى تعزيز قدرة النظام الاجتماعي على الاستجابة للأزمات والصدمات.كما تم تطوير المسودة عبر نهج تشاركي شامل تضمن مشاورات مكثفة في جميع محافظات المملكة ومع الجهات المعنية من القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني والشركاء الدوليين والقطاع الإعلامي والاكاديمي والأحزاب السياسية، إضافة إلى مراجعة أكثر من 100 وثيقة محلية ودولية متعلقة بالحماية الاجتماعية، وشملت مراحل التحديث تحليل الوضع الراهن، وتطوير الإطار الاستراتيجي، وعقد جلسات تشاورية مع الخبراء والمجتمع المحلي، من خلال إدماج نتائج التحليل في إطار استراتيجي محدث يعكس الأولويات الوطنية، وصولا إلى مراجعة شاملة لمكونات الاستراتيجية تمهيدا لإطلاق نسختها النهائية.وبينت المسودة أن الاستراتيجية تترافق مع خطة تنفيذية واضحة، تشمل إطارا زمنيا وخطة رصد وتقييم، لضمان تحقيق الأهداف المرجوة ومتابعة أثر البرامج والمبادرات المختلفة على المستفيدين.وعلى الصعيد التشريعي، بينت المسودة أنه تم تحديث قانون التنمية الاجتماعية لتعزيز جودة الخدمات، وتفعيل العمل التطوعي والخيري، وتطوير منظومة مهنية للعمل الاجتماعي كما تم إقرار قانون حقوق الطفل لضمان توفير الرعاية الصحية والتعليمية والدعم القانوني للأطفال، لا سيما في حالات العنف.وأوضحت أن منظومة الحماية الاجتماعية في الأردن شهدت تطورا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة استجابة للتحديات الاقتصادية وجائحة كورونا، كما ذكرت أن رؤية الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية (2025-2033) تسعى إلى بناء مجتمع يعيش بكرامة، ممكن، مرن، ومزدهر، متوافقا مع رؤية التحديث الاقتصادي والسياسي وخطة تطوير القطاع العام، من خلال العيش الكريم عبر توفير الخدمات الأساسية مثل الخدمات الاجتماعية والتعليم والصحة والمسكن، والتمكين من خلال دعم القدرات الاقتصادية والاجتماعية للأفراد، والمرونة من خلال تعزيز القدرة على مواجهة الصدمات والأزمات، والازدهار من خلال تحقيق نمو اقتصادي واجتماعي مستدام.وبينت المسودة أن الغاية الاستراتيجية، هي النهوض بقطاع الحماية الاجتماعية ليكون أكثر شمولية وتكاملا واستدامة، وتعزيز القدرة على الاستجابة للصدمات، بما يضمن كرامة الإنسان وتمكينه اقتصاديا واجتماعيا، من خلال تدخلات مبتكرة ومنسقة بين جميع الجهات المعنية.وذكرت أن الركائز الأساسية للاستراتيجية، تشمل التكامل والتنسيق عبر ضمان ترابط محاور الحماية الاجتماعية بين الجهات الفاعلة المختلفة، بما فيها الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص والمجتمعات المحلية، وعبر الابتكار واستشراف المستقبل من خلال استخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في تصميم وتنفيذ البرامج لضمان استهداف دقيق للمستفيدين وتحسين الخدمات، وعبر الشفافية والمساءلة من خلال تعزيز الحوكمة الرشيدة من خلال خطط متابعة وتقييم دورية، مع إشراك المجتمع بمراجعة الأداء، وعبر المرونة والاستجابة للصدمات، من خلال تحسين جاهزية النظام الاجتماعي لمواجهة الأزمات الاقتصادية والصحية والبيئية، وضمان استمرارية الدعم والخدمات.وتعد الحوكمة ركيزة أساسية لضمان فعالية تنفيذ الاستراتيجية، من خلال مراجعة القوانين والأنظمة، ودمج البرامج المتكررة، وتطوير قاعدة بيانات موحدة لتحسين كفاءة الاستهداف، وتعزيز الشفافية عبر آليات شكاوى وتقارير متابعة دورية، وتحقيق المساءلة عبر متابعة أداء الجهات المنفذة وتقييم أثر البرامج مع الاستثمار في بناء قدرات العاملين في الحماية الاجتماعية من خلال برامج تدريبية شاملة.وتتضمن مسودة الاستراتيجية المحدثة إطلاق السجل الاجتماعي الأردني الموحد كمنصة رقمية مركزية لتحسين كفاءة استهداف المستفيدين من خلال التسجيل الإلكتروني وربط برامج الدعم المختلفة، بما يضمن الشمولية ويمنع الازدواجية.وتطرقت المسودة الى تعزيز دور العامل الاجتماعي، الذي يعتبر حلقة الوصل بين المستفيدين من برامج الحماية الاجتماعية والجهات المقدمة للخدمات، وتناولت تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص والمجتمع المدني من خلال مبادرات مبتكرة ومؤسسية لضمان التكاملية والفعالية في تقديم الخدمات.وركزت على موضوع الاستدامة المالية وتعبئة الموارد، التي تشكل الركيزة الاساسية لاستمرار الاستراتيجية على المدى الطويل بحيث تهدف إلى ضمان وجود الموارد المالية الكافية وتوظيفها بكفاءة لتحقيق الأهداف، مع وجود خطة لتنفيذ الاستراتيجية عبر مراحل زمنية محددة مع نظام متابعة وتقييم دقيق لضمان تحقيق الأهداف.يشار إلى أن تحديث الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية يمثل التزاما راسخا من الدولة الأردنية بتحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير حياة كريمة لجميع مواطنيها
اترك تعليقاً