بقلم: النائب علي سليمان الغزاوي
تربط الأردن والعراق علاقات ضاربة في عمق التاريخ، قوامها الأخوّة والمصير المشترك، وليس مجرد مصالح عابرة. فالشعبان العربيان الشقيقان يتشاركان النسب والثقافة والهموم، وقد وقفا معاً في أحلك الظروف، مما يجعل أواصر هذه العلاقة أقوى من أي محاولة للتقويض، سواءً عبر استغلال منافسات رياضية أو تداول فيديوهات مُفبركة تهدف إلى إثارة الفتنة. لم تكن العلاقات الأردنية العراقية يوماً وليدة لحظة، بل هي نتاج عقود من التضامن السياسي، والتعاون الاقتصادي، والتبادل الثقافي، والنسيج الاجتماعي المتشابك، ومن أبرز الأمثلة على هذا الدعم في الجانب الرياضي موقف الأردن التاريخي بالمساعدة في رفع الفيفا للحظر الكروي عن العراق عام 2017 عندما قرر الأردن اللعب في ملعب جذع النخلة في العراق وكانت أول مباراة دولية للعراق على أرضه بعد سنوات من المنع بسبب الظروف الأمنية، هذه الخطوة لم تكن رياضية فحسب، بل كانت رسالةً سياسيةً وإنسانيةً قويةً تؤكد تمسك الأردن بدور العراق في المحافل الدولية، ورفضه لعزله عن محيطه العربي وتأكيداً من الأردن في ذلك الوقت على أهمية عودة الرياضة في العراق إلى أوج قوتها. حتى في الأزمات، ظلّت العَلاقات تصمد أمام التحديات، فما نشهده اليوم من محاولاتٍ لاستغلال منافسات كروية أو ترويج مقاطع مُعدّة لإثارة الغضب لا يعدو كونه ضجيجاً عابراً أمام صخرة الروابط المتينة، فالحكومات والشعوب في البلدين تدرك جيداً أن ما يجمعها أكبر بكثيرٍ من أي خلافٍ آني.في الأيام الماضية، ظهرت محاولات خبيثة لنشر فيديو مفبرك يهدف إلى تأجيج المشاعر بين الجماهير، لكن التعامل الأردني كان حكيماً وسريعاً، حيث تواصل وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، مع نظيره العراقي لتوضيح زيف المادة المتداولة، مؤكداً رفض الأردن لأي إساءة للعراق أو شعبه، وهذا الموقف لم يكن إلا تأكيداً على النهج الثابت للأردن في حماية العلاقات الأخوية من أي تشويه. فالأردن، بإدراكها العميق لأهمية العراق الشقيق، تعلم أن مثل هذه المحاولات لا تمثل الشعب العراقي، بل هي أعمالٌ فردية أو مُخطّطات هدّامة تريد إضعاف التضامن العربي. والرياضة، التي يفترض أن تكون جسراً للتقارب، لا يجب أن تتحول إلى ساحة للخلافات المُصطنعة. يجب أن يبقى الجمهور في كلا البلدين يقظاً أمام محاولات الفتنة، سواءً عبر منصات التواصل أو غيرها. فالشعوب الواعية هي التي تكشف زيف هذه الأساليب وتُحبطها، والتاريخ يعلمنا أن العلاقات الأصيلة لا تُهدم بقرارٍ تحكيمي ولا بفيديو مزيّف، ولا جماهير تحمل “تيفوهات” لا تمثل أصالة الشعوب، وأن مثل هذه التصرفات لن تزيدنا إلّا متانةً أمام التحديات. العلاقات الأردنية العراقية ليست مجرد شعارات، بل هي واقعٌ عاشه الشعبان في السراء والضراء، ولن تكون الصافرات الرياضية أو الفيديوهات المزيفة سوى محكٍ يُظهر مدى قوة هذه الأخوّة، فالأردن والعراق شريكان في التاريخ والمستقبل، وكل محاولة لزعزعة هذه الثقة مصيرها الفشل. في الختام، تبقى العلاقات الأردنية العراقية أسمى من أي محاولات للتشويه أو زعزعة الثقة بين الشعبين وما هي إلّا روابط تاريخية متجذرة تقوم على الاحترام المتبادل والأخوة الصادقة، تتجاوز الخلافات العابرة لتُشكل نموذجاً فريداً للتعاون والتفاهم العربي. ولطالما أثبتت هذه العلاقة قدرتها على الصمود أمام التحديات، مؤكدين بذلك أن الإرادة المشتركة للشعبين هي الدرع الحصين الذي يحميها من أي تهديد، ولا أحد ينكر بأن الأردن والعراق شريكان في الطريق نحو مستقبلٍ أفضل ولن تكون أي ريح عابرة قادرة على النيل من صلابة هذه الروابط أو تقويض مسيرتهما المشتركة.
اترك تعليقاً